آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

هل انتهى شهر العسل بين موسكو وطهران؟


صالح القزويني

بعض المتابعين لمستجدات العلاقات الإيرانية – الروسية يتصورون أن ثمة برود يشوب هذه العلاقات، وهناك العديد من الأسباب التي بلورت هذا التصور، ومن المؤكد أن بعض وسائل الإعلام لعبت دورا بارزا في بلورة هذا التصور.

زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو في يوم الأربعاء الماضي تأتي في مقدمة الأسباب التي أدت إلى هذا التصور، فبعد أن توترت العلاقات بين إسرائيل وروسيا نتيجة إسقاط الطائرة الروسية بصواريخ إسرائيلية تأجلت هذه الزيارة عدة مرات لسبب واحد وهو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يرفض استقبال نتنياهو، لذلك أوحت بعض وسائل الإعلام بأن موافقة بوتين على لقاء نتنياهو دليل على أنه استجاب لطلبه الرئيسي، وهو إخراج القوات الإيرانية وحلفاءها من سورية، فإذا استجابت موسكو لطلبه فهذا يعني أنها سترغم طهران على الخروج من سورية.

الحدث الثاني هو زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى إيران، وهنا أيضا قالت بعض وسائل الإعلام أن دمشق وجهت صفعة لتحركات موسكو لتهميش الدور الإيراني في سورية.

ولكن هناك حقائق يجب أن نعيها قبل أن نعرف هل هناك برود في العلاقات الإيرانية – الروسية..

أولا: أن روسيا تؤمن بمبدأ (لا صداقة دائمة ولا عداء دائم وإنما مصالح دائمة) ومن هنا لا ينبغي أن نتعجب إذا تعرضت العلاقات الروسية – الإيرانية لنوع من البرود بل واحتمال التوتر، إذا وصلت موسكو إلى قناعة أن مصالحها لا تلتقي مع مصالح طهران.

ثانيا: لا أحد ينكر أن موسكو وطهران لعبتا دورا مهما في إطفاء الحرائق التي اندلعت في سورية، وإذا كانت لموسكو مصلحة ما ربما تختلف عن مصلحة إيران ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن المصلحتين لا تلتقيان في هدف أسمى يجمعهما كإعادة الاستقرار لسورية.

ثالثا: من المستحيل أن تتطابق مواقف وسياسات الدول مئة بالمئة مع بعضها وغالبا الدول المتحضرة هي التي تبحث عن العناصر المشتركة لتحقيق المصالح حتى لو تكون هذه العناصر ضئيلة جدا.

رابعا: أن الأزمة السورية لم تنته بالكامل لنقول أن الحاجة للقاء والتنسيق انتهت، بل ربما الحاجة للتنسيق حاليا أكبر من السابق، ففي السابق كانت الجهود ترتكز على حل الأزمة عسكريا ووضعت كلا من إيران وروسيا هدفا رئيسيا لهما وهو التصدي لكل من يحاول فرض سيطرته العسكرية في سورية ونجحتا في القضاء على المسلحين غير أن العملية السياسية الجارية تستدعي التنسيق مع أكثر من طرف.

خامسا: الدور الذي تلعبه روسيا في سورية يستدعي منها أن تظهر بمظهر الحياد لتقنع كل الأطراف بلعب دور ايجابي والمساهمة بإنهاء الأزمة ومن الطبيعي أن لا تتطابق مواقف وسياسات كل الأطراف.

سادسا: من الطبيعي أن يسعى كل طرف ليظهر بمظهر اللاعب الرئيسي في سورية وبالتالي يسعى إلى تهميش دور الآخر الذي يتعارض مع سياساته، وللأسف نرى أن أطرافا لعبت دورا رئيسيا في تدمير سورية ودعم الإرهابيين تريد اليوم الايحاء بأنها تلعب الدور الرئيسي في العملية السياسية الجارية.

في ظل هذه الحقائق وخاصة الحقيقة الرابعة والخامسة فإن موسكو تقطع منذ فترة خطوات أخرى لإعادة الاستقرار إلى سورية وهذه الخطوات تتمثل في اقناع سائر الدول وخاصة الدول العربية بضرورة تغيير سياستها تجاه سورية، وزيارة وزير الخارجية الروسي هذا الأسبوع لقطر والسعودية تصب في هذا الاطار.

ولكن بما أن السعودية تعترض على الدور الإيراني في سورية، لذلك تم الايعاز لبعض وسائل الإعلام إلى الايحاء بوجود توتر في العلاقات بين روسيا وإيران وأن موسكو منزعجة جدا من الدور الإيراني في سورية.

ولربما الصورة التي رسمتها بعض وسائل الإعلام حول طبيعة العلاقة الحالية بين طهران وموسكو تشفي غليل السعودية وتجعلها تغير موقفها تجاه الكثير من القضايا المتعلقة بسورية وتأتي في مقدمتها المشاركة في إعادة اعمار هذا البلد، وكذلك عودة دمشق إلى الجامعة العربية.

غير أن الذي يجمع بين روسيا وإيران الكثير من الملفات والقضايا وإذا كان الملف السوري قد طغى على العلاقات فإن المرحلة الحالية في العلاقات اقتضت ذلك، بينما رساخة العلاقات الثنائية تمتد الى عقود، ومن بين ملفات العلاقات الثنائية هو الدور الذي لعبته موسكو في الاتفاق النووي.

إلى جانب سوريا والملف النووي والعلاقات الثنائية وملفات أخرى فإن روسيا وإيران تلتقيان في مبدأ سياسي مهم وهو التصدي للاحادية والقطبية العالمية، خاصة أن التفرد الأميركي جلب الويلات والكوارث للكثير من الدول وفي مقدمتها العراق وليبيا وأفغانستان، من هنا فانه ليس من المستبعد أن يلعب الثنائي الإيراني – الروسي دورا بارزا في ملفات أخرى.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/03/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد