آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
فوزي بن يونس بن حديد
عن الكاتب :
كاتب

جريمة نيوزيلاندا.. فوبيا ضد الإسلام وعنصرية مقيتة ضد المسلمين وعلى العالم التدخل سريعا


فوزي بن يونس بن حديد

في وضح النهار ومع سبق الإصرار والترصد، ارتكب مجرم معادٍ للإسلام جريمة بشعة في مسجدين بنيوزيلاندا، ومن خلال المقاطع المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، تبين أن الشخص المجرم كان بكامل قواها العقلية وهو يمارس هوايته الإجرامية ويتلذذ بقتل المسلمين الواحد تلو الآخر برشّاشه الذي يقذف حممًا  متواصلة من الرصاص على أبرياء عزل جاؤوا ليؤدوا فريضة الجمعة، لم يدروا أن المجرم كان سيقصدهم، ولكنهم تفاجأوا بطلقات الرصاص المدوية فأحدث الرعب ومارس الجريمة بكل برودة دم، ولا شك أنه خطط  ودبر هذه الجريمة الشنيعة بإتقان، لأنه تبين أن الرجل كان يحمل في سيارته أسلحة متطورة وثبّت كاميرا في رأسه ليوثّق عمله كاملا، وهو يقوم بهذه المهمة الشنيعة، وسار في الطريق نحو المسجدين المذكورين وقتل كل من يصادف أمامه من البشر في مشهد مُرعب كأنه من أفلام الأكشن.
البطولة تكمن في أن الرجل استطاع أن يثبت للعالم أن الإرهاب لا يصدر من مسلم فقط كما يُروج له العالم، فالإرهاب اسم يصدق على كل من يقتل بسبق الإصرار والترصد مهما كان دافعه دينيا أم عنصريا أو عرقيا أم غير ذلك، فالقاتل قاتل مهما كان، واليوم ونحن نعيش فوبيا ضد الإسلام في العالم جعلت مثل هؤلاء الأنجاس لا يتورّعون عن قتل الأبرياء وفي مكان طاهر مقدّس، كما تكمن البطولة في أن الرجل زيّف المعتقدات التي تقول إن الإسلاميين فقط هم المتطرفون، فالتطرف يبدو أنه ليس له دين ولا منهج حياة، لأن هذه العملية أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن الهدف منها محاربة الإسلام أينما كان وهو المسار الذي اتخذه مثل هؤلاء لتقويض أي نشر لتعاليم الإسلام السمحة.

ولا شك أن السلطات ستقول أن الرجل كان في حالة نفسية سيئة وربما ترجع ذلك إلى حالة مداركه العقلية ما في كل مرة ولا تتورع عن ذكر ذلك ولا تستطيع أن تقول أنه كان يكره الإسلام والمسلمين وهو الدافع المنطقي والأساسي لهذه الجريمة، أو أن تقول ربما كان قد تعرض لسوء معاملة، ومن خلال المقاطع التي اطلعنا عليها  ثبت أن الرجل متمرن على الآلة العسكرية وأنه كان يستخدمها بثبات مما يفسر تمرّنه عليها أو يكون من القوات المسلحة النيوزيلاندية، وسيفرز التحقيق في هذه الجريمة المفجعة التي حلت صباح اليوم الجمعة في هذه الدولة النتائج المرجوة التي ينبغي أن تكون محايدة وإلا ربما سنشهد في الايام القادمة أحداثا أخرى.

فالحديث عن دافع الإجرام يبقى هو الفيصل في تحليل وقوع الجريمة، ولكن مهما كان الأمر فعلينا أن نقتنع أن الإرهاب يوجد في كل البلدان وفي كل الأديان وفي كل الأعراق، فلا ينفرد به دين عن دين ولا مذهب عن مذهب ولا عرق عن عرق، علينا أن نؤمن أن العالم قد تغير، وأن النزوع للجريمة قد تفاقم بشكل غير عادي وأن امتلاك السلاح الناري بكافة أنواعه خطر عظيم، وأن تجارة الأسلحة بلا رقيب ينبغ أن تُقنن، وأن النفس البشرية أصبحت ضارية في بعض الأحيان تجني على الآخرين ولا يهمها الحفاظ على الروح البشرية من أي خطر داهم لا سيما الإسلامية التي صارت رخيصة خاصة في عالم الغرب.

 فأن تذهب إلى صلاة الجمعة وتُفاجأ بمجرم أو محموعة مجرمين مقبلين على الجريمة بكل قوة وبلا وازع ديني، ويقتلون أبرياء جاؤوا ليؤدوا الصلاة في مكان ظنوه آمنا ومقدسا، أمر مقرف لا محالة أيا كان توجه المجرم وأيا كانت مبرراته، فلن تقبل منه هذه الجريمة المضاهية لجرائم الصهاينة في فلسطين وغيرها من البلدان، وعلى المجتمع الدولي التدخل سريعا ودون تأخير من خلال عقد المؤتمرات حول الإرهاب دون تحفظات، تبين الأسباب وتعالجها بقوة القرارات، أهمها حظر حمل السلاح على غير المختصين من الجيش والشرطة وتقنين بيع السلاح وإصدار قوانين تجارة الأسلحة والحد من تجارة الأسلحة العشوائية وغيرها من القرارات الوقائية التي باتت اليوم مهمة ومراقبة الجانحين والخطرين في كل دولة والحد من تحركاتهم، وتجديد الخطاب الديني والسياسي والاجتماعي، ونبذ العنصرية والكراهية والحث على القتل وتكفير المخالف والمتعة في إزهاق الروح والحدّ من المسلسلات والأفلام التي تحرض الناس على القتل.

إنها فتنة عظيمة، عندما يُقْدم أي كان على قتل آخر، لأي سبب من الأسباب، فالحياة نعمة أنعم الله بها علينا، ينبغي أن نحافظ عليها ونستمتع بها ونعرف كيف نعيشها ولا ندع الآخرين يفسدون علينا متعتها سواء كان مسلما أو غيره، هذا ما ينبغي للعالم أن يفعله الآن وفورا قبل تفاقم الأمور وجنوحها إلى ما لا يحمد عقباه.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/03/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد