آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
خالد الجيوسي
عن الكاتب :
كاتب وصحافي فلسطيني

ما هي حِكاية أوّل مفاعل نوويّ للسعوديّة كشفته صور أقمار اصطِناعيّة؟ وهل نحنُ أمام حرب “سنيّة- شيعيّة” نوويّة بنوايا أمريكيّة؟.. فلنتذكّر تصريحات الأمير بن سلمان حول “قُنبلة إيران”!

 

خالد الجيوسي

يُقْفِل وليّ العهد السعوديّ الأمير محمد بن سلمان، ملفّاته الداخليّة المفتوحة على مصراعيها، رويداً رويداً، وبغض النظر عن طريقة الإقفال، والنّتائج المُترتّبة الإيجابيّة منها، والسلبيّة، يبدو فيما يبدو أنّ الأمير قد نجح في تلك الإغلاقات المُتتابعة، وليس أوّلها ملف الناشطات ومُحاكمتهن، وليس آخرها المليارات التي تم دفعها إلى عائلة الراحل المغدور الصحافي جمال خاشقجي، كديّة ومُقابل لصمتهم، وهو ما تنقله صحيفة “الواشنطن بوست”، في آخر حلقات القضيّة التي نعتقد أنها أُغلقت آخر فُصولها، ولو بالعُنصر المالي، والوقت الذي راهنت عليه بالفِعل ولاية العهد السعوديّة.

حديثنا هُنا، يذهب إلى ما هو أبعد من جدليّات القضايا الداخليّة، وملفّات الحرب الخارجيّة، ونذهب إلى ما كشفه موقع “بلومبيرغ” الأمريكيّ، ونقلاً أو بناءً على صور التقطتها أقمار اصطناعيّة، أنّ السعوديّة تُوشِك على الانتهاء من بناء أوّل مفاعل نوويّ لها، جنوب غرب مدينة الملك عبد العزيز، للعلوم والتّكنولوجيا في الرياض.

ويُضيف الموقع، أنّ هذه الصّور، قد تُوحِي بأن تستخدم المملكة التكنولوجيا النوويّة، دون الالتزام بالمعايير الدوليّة، والأكثر قلقاً ينقل الموقع عن الخُبراء أنّ العربيّة السعوديّة، لم تُوقّع على الإطار الدولي للقواعد، التي تتبعها القوى النوويّة الأخرى، لضمان عدم استخدام البرامج النوويّة المدنيّة في تصنيع الأسلحة.

هذه المُفاجأة السعوديّة “النوويّة”، يصِفها مدير الوكالة العامّة للطاقة الذريّة السّابق، روبرت كيلي، بالصور الأولى لأوّل منشأة نوويّة سعوديّة، وهذا بحسب كيلي احتمالٌ كبير.

المملكة غير المُلزمة بأيّ من القواعد النوويّة، لعدم توقيعها عليها، أكّدت بدورها أنّ الغرض من المُنشأة هو المُشاركة في أيّ أنشطة علميّة، وبحثيّة، وتعليميّة، والأهم “السلميّة” على حد إشارة وزارة الطاقة السعوديّة، كما أكّدت الوزارة أن بناء المنشأة يتم بشفافيّة، وأنها مُتاحةٌ للزوّار.

هذه التّطمينات السعوديّة، بالطّبع، لن تكون بختم الراحة، بل ستُثير القلق بالنسبّة لخُبراء الحد من الأنشطة والأسلحة النوويّة، إذا ما عاد أو أعادوا إلى أذهانهم، تصريحات وليّ العهد السعوديّ الأمير بن سلمان، الذي قال في تصريحات لقناة “سي إن إن”، أنّ بلاده لا تُريد حيازة قنابل نوويّة، لكن إذا طوّرت إيران قنبلة نوويّة، فستحذو المملكة حذوها قريباً.

الإدارة الأمريكيّة، أو إدارة الرئيس دونالد ترامب تحديداً، قد يُفيد التّذكير أنّها انسحبت من الاتّفاق النووي مع إيران، وتنظُر بعين الرّيبة والشّك إلى برنامجها النووي، وتُؤّكد أنّ الجموريّة الإسلاميّة تسعى لامتلاك أو تطوير قنبلة نوويّة، بالرّغم من التّأكيدات الرسميّة لوكالة الطّاقة الذريّة على التزام إيران ببنود الاتّفاق حتى بعد الانسحاب الأمريكي، وتستعد ذات الإدارة لفرض عُقوبات على صادراتها النفطيّة، فإيران بطبيعة الحال ترفُض الانصياع للشّروط الأمريكيّة، التي من بينها إغلاق المُنشآت النوويّة بشكلٍ كامل، والتوقّف عن برامج تطوير الأسلحة، والصّواريخ تحديداً.

إيران إذاً بالمفهوم الأمريكيّ، وبالتّالي بمنظور حليف أمريكا السعوديّ، “تُطوّر” القنبلة النوويّة أو تسعى لامتلاكها، وهو ما على المملكة أن تحذو حذوه، بحسب ما قال وليّ عهدها، وبالتّالي نحن أمام صور المُنشأة النوويّة السعوديّة الأولى، التي تقول الأخيرة إنّها لأغراضٍ سلميّة، ومُتاحة للزّيارة.

المُفارقة في كُل هذا، أنّ العربيّة السعوديّة، قد تسير على النّهج الإيراني “المغضوب عليه” بالحُصول على الطّاقة النوويّة، لكن بفارقين، أنّها ستشتريها من حليفها ترامب، وتحظى بدعمه لتطويرها، وهو ما يُثير قلق المُشرّعين في مجلس الشيوخ الأمريكي بشقّيه الجمهوري، والديمقراطي، حيث طالب العُضوان فيه الديمقراطي بوب ميننديز، والجمهوري ماركو روبيو، من وزير الطاقة ريك بيري، تقديم توضيحات بشأن مُوافقة الإدارة الأمريكيّة على تصاريح لبيع تكنولوجيا الطّاقة النوويّة للرياض، لا بل إن الأمر ذهب أبعد من ذلك كما تردّد، أن بيري وزير الطاقة، “أجاز” تبادل معلومات حسّاسة ما يُعرف باسم الجزء (810)، تراخيص تسمح للشركات الأمريكيّة بتبادل معلومات حسّاسة نوويّة مع المملكة.

ومع “التّساهل” غير المسبوق من الإدارة الأمريكيّة، مع المعلومات “النوويّة”، وأيّ مُقابل تُقدّمه السعوديّة للحُصول عليها، تُطرح التّساؤلات، وعلامات الرّيبة حول الآليّة التي تعتمدها المملكة في تطوير مُنشآتها، ومن هي الجِهات التي ستخوّلها لمُراقبة مفاعلاتها النوويّة، وما إذا كانت ستحظى بالمُساعدة الباكستانيّة مثلاً كقوّة نوويّة، مُقابل الاستثمارات التي ضخّها الأمير بن سلمان في زيارته الأخيرة، والتّرحيب الذي ناله من رئيس وزرائها عمران خان، وما إذا كان يرغب في التخلّي عن دعم الإدارة الأمريكيّة التي ستأتي بكُل الأحوال بعد ترامب، بفوزه أو عدمه، والسّلاح النووي يحتاج إلى سنوات لتطويره، للحُصول على القُنبلة النوويّة.

طُموحات الأمير بن سلمان “جريئة”، وتصِل إلى حد المُغامرة، وحتى الدّخول في المجهول كما يقول مُنتقدون لسياساته، والرجل لم يُنكر سعيه المُباشر في تصريحات العام الماضي، إلى مُجاراة إيران، وسعيه إلى امتلاك القنبلة النوويّة على طريقتها، وهي طُموحات لا غُبار عليها، في حال استخدامها فيما يخدم قضايا العرب والمُسلمين، لكن كما هو معلوم أنّ السعوديّة تتشدّد فيما يتعلّق بمُراقبة أعمال جبهتها الداخليّة، وتعتبرها تدخّلاً في سياساتها، وأمنها.

وبالتّالي قد تخرج المُفاعلات النوويّة عن رقابة دول العالم على المُستوى البعيد، لا بل إنّ مُراقبة العالم لأنشطة إيران النوويّة، قد يبات أسهل بمُوافقتها، ليُصبح العالم على سعوديّة نوويّة، تحكُمها معاييرها المُنفتحة حيناً وأخيراً، والمُتشدّدة حيناً آخر قد سبق لها طويلاً، فماذا إن ضاق الحال بقيادتها، وقد أصبحت بالفِعل نوويّة، السّؤال برسم الإدارة الأمريكيّة الحاليّة التي لا تزال تُحدّثنا عن خطر إيران النوويّة؟، إلا إذا كانت نواياها إشعال حرب سنيّة (الرياض)- شيعيّة (طِهران) نوويّة، لعلّ الأمير بن سلمان يعلَم!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/04/06

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد