آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
خالد الجيوسي
عن الكاتب :
كاتب وصحافي فلسطيني

السيسي لا يرغب بالحرب مع إيران ويُجاهر بمعصية الانسحاب من “النّاتو العربي”!.. ألا تشعُر السعوديّة بالخيبة وربّما الخديعة؟

 

خالد الجيوسي

يبدو أنّ الرّياح، تسير كما تشتهي السّفن الإيرانيّة تماماً، فما بعد الأزمة الخليجيّة، وقوامها المُكوّن من السعوديّة، الإمارات، البحرين، ومُقابلها قطر، والأخيرة المُتحالفة مع إيران للمُفارقة، ها هي ذات الدّول التي من المفروض أن يقوم اتّحادها على ما يُعرف باسم “الناتو العربي” لمُحاربة إيران، ها هي مِصر توجّه لكمة قويّة لهذا الاتّحاد الذي تُريده إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتُعلن انسحابها من “النّاتو”، بالرغم من التحالف القوي بين المصريين، والأمريكيين في عهد الرئيس السيسي.

وبحسب ما ذكرته وكالة “رويترز″، فإنّ مِصر نأت بنفسها عن الناتو المُفترض، وأبلغت الولايات المتحدة الأمريكيّة انسحابها، كما لم تُرسل وفدها إلى اجتماع عُقد في الرياض الأحد الماضي، وهي بالتّالي لن تجتمع مع بقيّة العرب لاتحادهم ضمن حلف، هدفه التصدّي للخطر الإيراني، وتدخّلاته المُفترضة في المِنطقة.

ونقلت مصادر عربيّة قولها، إنّ مِصر، انسحبت من المُبادرة، فهي لم تر أيّ ملامح لهذا الناتو، كما أنّ مثل هذا ينطوي عليه خطر زيادة التوتر مع إيران، وهي بكُل الأحوال، ومهما كانت أسبابها، نرى أنها أحسنت صُنعاً بهذا القرار، الذي يتشابه مع قرارها عدم الدّخول في حرب اليمن، وعاصفة الحزم على وجه الخُصوص، بزعامة العربيّة السعوديّة.

سبب ثالث ينقله مصدر “رويترز” عن أسباب امتناع القاهرة عن المُشاركة في هذا “الناتو” العربي، أنه ما إذا كان سيفوز ترامب في ولاية ثانية العام القادم، وهذا موضع شك، وما إذا كان الفائز الجديد برئاسة أمريكا، سيستمر في فكرة هذا التحالف المُتفكّك، حتى قبل الجُلوس لتجميعه، فماذا بعد انسحاب مصر، القُوُة العربيّة العسكريّة الأكبر التي تُوازي إيران، في الشرق الأوسط، فالبقيّة الباقية هي دول خليجيّة تستظل أصلاً بالحماية الأمريكيّة، وهذا ما يقوله الرئيس ترامب، فبدونها أيّ تلك الحماية، لن يستطيع قادة الخليج حتّى ركوب طائراتهم، والمُستثنى من هذا الأردن، والمدعو هو الآخر لهذا التّحالف.

السعوديّة، هي الوحيدة الباقية على رأس دول الخليج، المُتحمّسة لإقامة هذا التحالف، نظراً لاستضافتها اجتماعاته في عاصمتها الرياض، وبالأصل تلك الدول الخليجيّة بينها تحالفات، وخلافات، وإذا لم يستطع البيت الخليجي جمعهم، وحل خلافاتهم، هل يستطيع الخطر الإيراني المزعوم توحيدهم، مع الإشارة إلى أنّ الكويت، وسلطنة عُمان، على الحِياد، منه إلى العداء مع الجمهوريّة الإسلاميّة، وماذا لو جاء رئيس أمريكي جديد، يرغب في العودة إلى الاتّفاق النووي، ربّما ينطبق هُنا قول عادل إمام السّاخر: “بتحط نفسك بمواقف بايخة”!

إدارة الرئيس ترامب فيما يبدو غاضبة، وتُلوّح بالعُقوبات ضد نظام الرئيس السيسي، فيما يخُص نيّة مِصر، شراء مُقاتلات روسيّة من طِراز سو- 35، وهي عُقوبات يتم تطبيقها على الدول التي تُريد شِراء السّلاح الروسي، وهي الصين،  تركيا، الهند، مِصر، وبموجب قانون التصدّي لأعداء أمريكا عبر العُقوبات، وانسحاب مِصر من الناتو، قد يُضاعف هذا الغضب الأمريكيّ، وهي قرارات تُثبت أو تُوحي على الأقل، أنّ القرار المِصريّ، ليس رهينةً للولايات المتحدة الأمريكيّة، وحسب ما تقتضيه المصلحة الداخليّة للبِلاد، وإن كان يُراهن على عامل الوقت، وبعد فوز ترامب لكُل حادث حديث.

يبقى السّؤال الأكثر إلحاحاً، حول موقف الأردن من ذلك التّحالف “الناتو”، فالعلاقات الأردنيّة- السعوديّة ليست على ما يُرام، والسّبب خلاف صامت بينهما حول الوصاية الهاشميّة، ودعم السعوديّة لصفقة القرن، التي تُعطي أو تتنازل للإسرائيليين عن القدس، والمُقدّسات الإسلاميّة، والمسيحيّة، وتمنحها السّيادة عليها، وما إذا كان الأردن هو أيضاً سيُعلن انسحابه هو الآخر من الناتو، وما إذا قدر حمل المُجازفة بخوض معركتين، الأولى في وقوفه خلف وصايته الهاشميّة، والثانية، مُمانعته مُحاربة إيران، وهو الذي كان من أوائل المُحذّرين من “الهلال الشيعي”، فهل يُراهن الأردن على عامل الوقت لكن بوضع الصّامت وهزيمة ترامب، وتمرير تلك الأشهر الحاليّة العصيبة، لكن ماذا عن فوز نتنياهو في الانتخابات، وهو “أبو صفقة القرن” وعرّابها جاريد كوشنر؟

أخيراً، يبدو الرّهان السعودي على الحليف المِصريّ، القويّ عسكريّاً، والذي يُصنفه البعض أنه ضمن تحالف سعودي- إماراتي- مصري، ضعيفاً، وباهتاً، فمِصر السيسي رغم كُل الإغراءات الماليّة الخليجيّة، لم تُطلق رصاصة واحدة في اليمن، ولم تُرسل جنديّاً واحداً خارج أراضيها، وها هي تفعلها مع إيران، وترفُض تحالفاً عسكريّاً ضدها، يُسايرهم السيسي في مُقاطعة قطر فيما يبدو، ويجني ثمار ذلك اقتصاديّاً بشكلٍ أو بآخر من الجمع الخليجي، ألا تشعُر السعوديّة زعيمة العالم السنّي بالخيبة، وربّما الخديعة، لو كنت مكانها لفَعَلت!

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/04/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد