آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

أليس من السخف مطالبة إيران بمنع الهجمات عن المحرضين عليها؟

 

صالح القزويني

كثر الحديث خلال الأيام الأخيرة في وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية والعربية التي تسير في الركب الغربي والإسرائيلي عن ضرورة لجم إيران بأية وسيلة كانت بما في ذلك شن الحرب عليها أو توجيه ضربات قاصمة لها، من أجل ردعها ومنعها عن الاستمرار في سياستها في المنطقة.

إسرائيل والسعودية تقودان الحملة التحريضية الواسعة ضد إيران، ولا شك أن عددا من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل في حملتها، كما أن عددا من الدول العربية تقف إلى جانب السعودية.

الملفت للنظر أن إسرائيل والسعودية اللتين تقودان الحملة ضد إيران كانتا من أبرز المعارضين للاتفاق النووي الذي وقعته إيران عام 2015، وفي نفس الوقت من أبرز المرحبين بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإلغاء الاتفاق النووي وفرض العقوبات الصارمة على إيران.

يعاني المواطن الإيراني اليوم من مشاكل حقيقية نتيجة العقوبات الأميركية على بلاده، وبغض النظر عن التضخم الكبير وارتفاع الأسعار في كافة مجالات الحياة، فإن معاناة المرضى والشرائح الفقيرة تضاعفت جراء العقوبات، فاسعار الأدوية ارتفعت وواجه هذا القطاع شحة في الأدوية التي تستورد من الخارج، كما أن الفقراء يواجهون معاناة حقيقية في توفير العيش البسيط والكريم لانفسهم ولذويهم.

لا أبالغ إذا قلت أن دور السعودية في العقوبات التي فرضها ترامب ضد إيران كان أخطر من الدور الإسرائيلي، لأنها أغرت ترامب بالمضي قدما في التضييق على إيران، ففي الوهلة الأولى رحبت بانسحابه من الاتفاق النووي وفي الوهلة الثانية وفرت الغطاء المالي لأي تصعيد يمارسه ضد إيران من خلال الصفقات المليارية التي وقعتها معه، ومن المؤكد أن الشرط الذي فرضته الرياض على ترامب هو التوجه إلى ذروة التصعيد ضد إيران مقابل التوقيع على الصفقات، وفي الوهلة الثالثة دفعت ترامب للمضي قدما في منع إيران من تصدير نفطها من خلال إعلانها أنها قادرة على سد حصة إيران في السوق النفطية.

اليوم تعتزم السعودية منح ترامب الغطاء الشرعي لأي اعتداء يريد القيام به ضد إيران من خلال دعوتها الى عقد قمة عربية خليجية طارئة، ومن المؤكد أنها ستقوم بعملية تحشيدية عربية وخليجية واسعة ضد إيران، كما فعلت عندما حشدت للقمة الإسلامية الأميركية عام 2017، ولكنها ستفشل في هذه كما فشلت في تلك.

إسرائيل التي تبدو وكأنها تقف موقف الحمل الوديع من كل ما يجري، هي المحرض الرئيسي لترامب ضد إيران، وقد أعلن نتنياهو أمس الأول أنه زود ترامب بكل المعلومات حول ايران، مما يشير إلى وجود دور تكاملي بين إسرائيل والسعودية في دفع ترامب لمواجهة إيران.

التحريض السعودي الإسرائيلي ضد إيران ليس وليد اللحظة بل أن الرياض وتل أبيب بدأتا بتحريض العالم وخاصة الإدارات الأميركية المتعاقبة ضد إيران منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية وحتى اليوم، غير أن التحريض تزايد منذ مجيء ترامب للسلطة، وإذا كانت اضرار كل مرحلة تحريضية محدودة فيبدو أن الاضرار هذه المرة مأساوية.

الغريب في هذه المرحلة هو صلافة إسرائيل والسعودية، ففي الوقت الذي تقومان فيه بأوسع عمليات التحريض ضد إيران فأنهما تطالبان طهران بمنع أصدقائها وحلفائها من استهدافهما، فتطالب إسرائيل إيران بالتوقف عن دعم الفصائل الفلسطينية المقاومة، لتتوقف هذه الفصائل بدورها عن مهاجمة إسرائيل، كما أن السعودية تطالب إيران بالضغط على الحوثيين ليتوقفوا عن شن الهجمات ضد قواتها ومنشآتها.

لن تحصل إسرائيل والسعودية بتاتا عما تريده من إيران، لأنهما معتديتان ولن تتوقف مشاكلهما إلا بالتوقف عن العدوان، كما أن قرار التصدي للعدوان بالدرجة الأولى يمني وفلسطيني، مما يعني أن مقاومة العدوان ستتواصل حتى لو لم تقف إيران إلى جانب الفلسطينيين واليمنيين.

نعم بامكان إيران التوسط لإنهاء الحرب في اليمن عبر دعم حل عادل يرضي الجميع، ويمكن اعتبار مبادرة ستوكهولم التي حظيت بدعم طهران والأطراف اليمنية وخاصة حركة أنصار الله، فرصة لتحويلها إلى خطوة أولى لإنهاء الصراع إلا أن التعنت السعودي طالما فخخ هذه الخطوة ووضع العراقيل أمامها، وحتى مبادرة الانتشار من موانئ الحديدة لم تواجه ببادرة سعودية للمضي قدما في عملية السلام وانهاء الحرب، فدفع اليمنيين إلى تلقين الرياض درسا قاسيا بالهجوم على مضختي النفط، ليوجهوا بذلك رسالة إليها بأنهم يريدون السلام وإنهاء الحرب ولكن في نفس الوقت فانهم ليسوا ضعفاء بل قادرون على توجيه المزيد من الضربات القاصمة للسعودية.

منذ اليوم الأول لعدوان السعودية على اليمن قدمت إيران مبادرة من 4 نقاط، غير أن الرياض كانت تريد حسم الأمور بالقوة ومع مضي أكثر من 4 سنوات على عدوانها إلا أنها لم تحقق شيئا، ومع أنها تعرف أنها عاجزة عن حسم هذه الأزمة عسكريا وسياسيا، غير أن غرورها يمنعها من الاعتراف بعجزها لذلك ترمي مشكلتها على إيران.

حال إسرائيل ليس أحسن حالا من السعودية، فمنذ 7 عقود وهي تراهن على الحل العسكري وممارسة القوة والضغط والتهديد والاغراء تجاه الفلسطينيين، وطيلة العقود الماضية لم تتعلم أن كل ذلك لن ينفعها ولن يحل مشكلتها.

إيران ترى أن السبيل لحل المشكلة الفلسطينية يتمثل في إجراء استفتاء على حكومة واحدة في الأراضي الفلسطينية ويشارك في الاستفتاء جميع الفلسطينيين بما فيهم الذين يعيشون خارج الأراضي الفلسطينية، وهو حل يشبه إلى حد ما الحل الذي طبقته جمهورية جنوب أفريقيا والذي انهى الحكم العنصري فيها وانتهت معه مشاكل واضطرابات هذا البلد.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/05/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد