آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
صالح السيد باقر
عن الكاتب :
كاتب إيراني

الاتفاق النووي.. قدرة أوروبا على انقاذه

صالح القزوينيلا يمكننا أن نعرف أن كانت أوروبا قادرة على انقاذ الاتفاق النووي والحفاظ عليه إن لم نعرف في الأساس هل أن الاتفاق يحظى بأهمية لديها أو لا يحظى بأهمية.الجميع شاهد احتفاء اميركا والدول الأوربية بالتوقيع على الاتفاق النووي، ففي يوم 14 تموز من عام 2015 رحب الجميع بالاتفاق وأشاد به، وهذا الاحتفاء والترحيب وكذلك إعلان الترويكا الأوروبية المستمر بأنها متمسكة بهذا الاتفاق يكفي للدلالة على الأهمية التي توليها له.ومن المثير للدهشة هو الموقف الأميركي من الاتفاق، فالجميع يعلم أن الادارة الأميركية هي السبب الرئيسي وراء اندلاع هذه الأزمة بانسحابها منه، غير أن الغريب في الأمر هو تنديد ترامب وبومبيو وسائر المسؤولين الأميركيين بالاجراءات التي تتخذها إيران تجاه الاتفاق النووي.والغريب في الأمر هو أن المبرر الوحيد الذي قدمه ترامب للانسحاب من الاتفاق هو أنه قال، إن الاتفاق هو أسوأ اتفاق وقعته بلاده في تاريخها، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا يعترض على تقليص إيران لالتزاماتها به، اذ من المفترض أن يرحب ليس بتقليص التزاماتها بل بالانسحاب الكامل منه؟من هنا يتبين أن الاتفاق لا يحظى باهمية لدى أوروبا وحسب وإنما يحظى بذات الاهمية لدى أميركا التي تسببت بالأزمة نتيجة انسحابها منه، وهذا الاعتراض الأميركي – الأوروبي على تقليص طهران لالتزاماتها بالاتفاق النووي يثير الشكوك ما إذا كانت أوروبا منذ البداية قد اتفقت مع واشنطن على لعب هذا الدور بحيث تعلن أنها متمسكة بالاتفاق النووي ولكنها لا تقدم على أية خطوة من أجل الحفاظ عليه؟أهمية الاتفاق النووي لأميركا وأوروبا تتمثل في أن الجانبين يعتقدان انهما استطاعا منع إيران من تصنيع القنبلة النووية عبر القيود التي فرضاها على البرنامج النووي الايراني، ويبدو أنهما كان لديهما قناعة راسخة بأن طهران ماضية قدما نحو الاستخدام العسكري للبرنامج النووي، ويراودهما شك كبير تجاه الفتوى التي أصدرها قائد الثورة الاسلامية بحرمة تصنيع القنبلة النووية.ربما من الصعب جدا اثبات أن أوروبا كانت متواطئة مع اميركا في إبقاء ايران ملتزمة بالاتفاق النووي، خاصة وأن الخلافات الأوروبية الاميركية كثيرة، إلا أنه ليس من المستبعد أيضا أن الدول الأوروبية وخاصة فرنسا وبريطانيا والمانيا قد توصلت سرا الى تسوية مع ترامب حول الخلافات بين الطرفين على حساب ايران.أوروبا لم تقدم على اية خطوة للحفاظ على الاتفاق النووي سوى الوعود والضغوط التي مارستها وتمارسها على طهران لتبقيها في الاتفاق، لذلك فانها كانت منسحبة عملا منه دون الاعلان بشكل رسمي عن ذلك، ولم تكتف بمسايرة واشنطن في الضغط السياسي على ايران وحسب بل ان توقيف ناقلة النفط الايرانية دلل على أنها تعتزم استخدام أية وسيلة من أجل ابقاء ايران في الاتفاق.مماطلة أوروبا في تنفيذ التزاماتها التي وردت في الاتفاق النووي، أدى الى انهيار الثقة النسبية التي كانت توليها طهران للدول الأوروبية، لذلك لجأت الى السياسة الجديدة لتحرج أوروبا أمام العالم، فلم تعلن انها تنسحب من الاتفاق وانما تفرغه من مضمونه ومحتواه، كما تفعل أوروبا التي تعلن أنها متمسكة بالاتفاق النووي ولكنها لم تقدم على اية خطوة تجاهه، كذلك ايران فانها تعلن لم تنسحب من الاتفاق النووي ولكنها في نفس الوقت لا تنفذ ما جاء فيه.غير أن الفارق بين ايران والترويكا الأوروبية في أن طهران لم تغلق الباب وانما تركته مفتوحا وأعلنت أنها ستتراجع عن كل خطواتها مجرد أن تنفذ أوروبا التزاماتها بالاتفاق النووي، مما يعني أنها القت الكرة في الملعب الأوروبي، وبذلك فانها غير معنية ما اذا كانت الترويكا الأوروبية متواطئة مع أميركا أو غير متواطئة، أو انها قادرة على تجاوز العقوبات الاميركية أو غير قادرة، الشيء الوحيد الذي تتمسك به ايران هو الوعود التي قطعها الأوروبيون لها عندما أرادت الانسحاب من الاتفاق النووي بعد انسحاب ترامب منه.الايام القادمة ستسبب الكثير من الاحراج للأوروبيين وستثبت ما اذا كانوا قادرين على تجاوز العقوبات والالتزام بما جاء في الاتفاق النووي، أم انهم غير قادرين، فاذا كانوا قادرين فلماذا ماطلوا كل هذه الفترة ولم يخففوا من الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة على ايران، وان لم يكونوا قادرين فلماذا قدموا الوعود لطهران بالبقاء في الاتفاق النووي على أن يعوضوا عليها ما خسرته من العقوبات الأميركية.لا يبدو أن طهران ستتراجع عن موقفها وسياستها تجاه هذا الموضوع، لذلك فانه أمام أوروبا ثلاثة خيارات للتعامل مع الاتفاق النووي، فإما أن تقنع الادارة الأميركية بضرورة العودة للاتفاق النووي والغاء العقوبات عن ايران، فيستجيب ترامب لذلك، أو انها تتمرد على العقوبات الاميركية وتفتح باب العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية مع ايران على مصراعيه، أو تنساق وراء ترامب في سياسته تجاه ايران وتبدأ بممارسة المزيد من الضغط وربما احالة الملف النووي الايراني الى مجلس الأمن الدولي.ثمن الخيارين الثاني والثالث باهض جدا ولايمكن التنبئ بتبعاتهما، غير أن الخيار الأول غير مكلف ويرضي الجميع، غاية ما في الأمر أن على أوروبا استخدام وسائلها وأساليبها لاقناع ترامب بضرورة العودة للاتفاق النووي.صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/07/09

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد