آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
حمود أبو طالب
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي سعودي، عضو مجلس إدارة نادي جازان الأدبي , والمشرف على المنتدى الثقافي، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان - فرع جازان.

فساد 5 نجوم


حمود أبو طالب ..

تخيل أنك موظف محظوظ إلى الحد الذي يكون فيه راتبك ثلاثة أضعاف راتب الوزير الذي تعمل تحت إدارته، ويُصرف لك بدل سكن يصل إلى نصف مليون ريال، وتعطيك جهة عملك سيارة فارهة تستبدلها بأخرى متى شئت، وتتمتع بانتدابات مستمرة في الداخل والخارج، إضافة إلى مزايا أخرى لا حصر لها. قد تقول إن هذا ضرب من المستحيل لا يصله حتى الخيال، وإنه لا يمكن أن يحدث هذا في أي مكان في العالم، ولكن نؤكد لك أيها القارئ الكريم أن ما تظنه مستحيلا صار ممكنا لدينا، ليس لوجود نظام يسمح بذلك ولكن لوجود مسؤولين يدوسون على أنظمة الدولة ويضعون أنظمتهم الخاصة.

لقد رصد ديوان المراقبة العامة أن ذلك يحدث في عدد من الهيئات والمؤسسات العامة والصناديق الحكومية، حيث يتقاضى محافظوها ورؤساؤها رواتب وبدلات ومزايا مالية وعينية تتجاوز المقرر لهم بموجب سلالم الرواتب المعينين عليها، أو تكون وظائفهم غير مصنفة ضمن سلالم جهاتهم، ما يعد مخالفة صريحة للأنظمة والتعليمات واللوائح والقرارات المنظمة للرواتب والبدلات والمزايا المالية التي تعطى للمسؤول الأول في الجهاز، ولذلك فقد صدرت توجيهات بضرورة الالتزام بها وإيقاف صرف كل ما هو مخالف للأنظمة.

ما كان يحدث لم يكن سراً أو بطريقة خفية، فكل جهة من تلك الجهات لديها إدارة مالية وشؤون إدارية، وبالتالي نتوقع أن جميع العاملين فيها يعرفون أن ما يحدث مخالف للأنظمة وتحايل عليها واستهتار بها، وأن ذلك قد حدث على مدى سنوات طويلة دون أن يلتفت أحد له، هذه المرة فقط استجمع ديوان المراقبة العامة شجاعته وأعلن هذه المخالفات لعله يتم تصحيحها. وإذا كان المسؤول الأول في تلك الجهات يمارس هذه المخالفات الكبيرة العلنية فماذا يا ترى سيفعل بقية الموظفين تحت إدارته، وهل سيحترمون أي نظام أو يتورعون عن ارتكاب أي مخالفة؟

الإصلاح وقطع دابر الفساد لا يتحقق بمعاقبة موظف بسيط على مخالفة هامشية وإنما بمعاقبة المسؤولين الكبار الذين يمارسون الفساد ويشرعون له ويفسدون من يعملون تحت إدارتهم اقتداء بهم. ومن حقنا أن نسأل هل سنكتفي بإلزام أولئك المتجاوزين بالأنظمة وعفى الله عما سلف، أم أنه لا بد من إلزامهم بإعادة كل ما أخذوه بالباطل وتطبيق أنظمة العقوبات عليهم!

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/06/01

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد