آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
حمود أبو طالب
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي سعودي، عضو مجلس إدارة نادي جازان الأدبي , والمشرف على المنتدى الثقافي، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان - فرع جازان.

الشورى والخبز


حمود أبو طالب ..

فاجأنا أحد أعضاء الشورى بتصريح عكّر سكينة الناس في رمضان وأفسد هدوءهم وروحانية لحظاتهم، وانتشر في مواقع التواصل انتشار النار في الهشيم استنكارا وشجبا وغضبا من قائله. أخونا عضو الشورى حريص على توفير مبالغ للدولة وزيادة إيراداتها وذلك ما نحرص عليه جميعا من حيث المبدأ، لكنه طرق بابا خطيرا ولامس منطقة حرجة عندما لم يتفتق ذهنه عن طريقة يخدم بها وطنه سوى رغيف الخبز.

سعادة العضو يقترح رفع الدعم عن المواد الغذائية لتتماشى مع الأسعار العالمية ومن أجل ترشيد الاستهلاك، ولأنه مستاء وحزين من مشاهدة بقايا الخبز تذهب علفا للماشية وترمى في حاويات القمامة فقد رأى ضرورة رفع الدعم عن الدقيق حتى لا يساء استهلاك الخبز، مؤكدا أن ارتفاع سعر ربطة الخبز إلى ريالين لن يؤثر على المواطنين. لكنه جزاه الله خيرا استدرك واقترح أنه بالنسبة للفقراء يتم دعمهم بمبالغ مالية تقدرها الدولة، أي أن ثمن رغيف الخبز سيتحول إلى معاملة إعانة في إدارات الدولة يعقب عليها الفقير حتى يتمكن من شراء الرغيف.

هنا المشكلة الكبرى والمأزق المزعج، أي حالة الانفصام بين بعض من توكل إليهم الدولة خدمة المواطنين ورعايتهم وتسهيل أمور حياتهم وحل مشاكلهم وبين الواقع الذي يعيشه المواطن. لو اقترح عضو الشورى رفع الدعم عن الكافيار أو حتى منع استيراده، أو الشوكولاتة السويسرية، أو الكروسان، أو مياه إيفيان، أو السوشي الياباني فلن يعترض المواطن البسيط لأنه لا يعرفها أساسا، ربما يأتي الاعتراض من الطبقة المخملية التي ينتمي إليها صاحب الاقتراح، لكنه حين يتعرض لرغيف الخبز ويؤكد أن زيادة الريال لن تؤثر في المواطن فإنه يؤكد أنه بعيد كل البعد عن حقيقة الناس وواقعهم، الناس الذين يتوقعون منه الحرص على مصلحتهم من موقعه في المجلس.

سعادة العضو ربما لا يتعامل بالريال ولا يقيم له اعتبارا وربما لا يعرف شكله لأن المحافظ الثمينة تأنف منه، لكن المواطن البسيط يعرف الريال جيدا وعلاقته به حميمة لأنه يعني له شيئا مهما. زيادة الريال في رغيف الخبز بالذات تمثل اعتداء صارخا وجائرا على القوت الأساسي للإنسان البسيط الذي يعد ريالاته ريالا ريالا كل يوم ليعرف كم نقص منها، وللخبز حكايات في تأريخ الشعوب عندما تعذر الحصول عليه. وعندما يكون مقترحه حرصا على توفير أموال للدولة فإنه قد ارتكب خطأ أفدح، لأن الدولة لا تفكر أبدا في زيادة دخلها على حساب لقمة عيش المواطن، وإنما تسخر كل أموالها من أجلها، وبالتالي فإن العضو الموقر يوحي بأنه غير مستوعب لسياسة الدولة في حرصها على عدم المساس بالأمن الغذائي للمواطن.
يا بعض أعضاء الشورى لا نملك سوى أن نقول لكم: يا زينكم ساكتين.

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/06/15

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد