آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الغني القش
عن الكاتب :
إعلامي وكاتب صحفي بجريدة المدينة ومكة ممثل هيئة الصحفيين السعوديين

إلغاء التقاعد المبكر.. إجراء مرفوض!


عبدالغني القش ..

نشرت صحيفة محلية سيارة خبرا عجيبا بعنوان أكثر غرابة، إذ نص على: التحدي المقبل يفرض «إلغاء التقاعد المبكر» أسوة بكثير من دول العالم و«رفع السن التقاعدية».

وجاء ذلك في ندوة عقدتها الصحيفة مشكورة بحضور المعنيين وهم: محافظ المؤسسة العامة للتقاعد ومحافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ومحافظ التأمينات الاجتماعية سابقا وعدد من المهتمين من رجال الاقتصاد والإعلام.

ومما جاء فيها أن الارتفاع المتزايد في أعداد المتقاعدين في نظامي التقاعد والتأمينات من مدنيين وعسكريين يشكل عبئا كبيرا على مؤسستي التقاعد والتأمينات في ظل ما يواكب ذلك من ارتفاع مصروفات ومعاشات التقاعد.

ويتواصل العجب بعنوان جانبي مفاده أن الحل يكمن بصندوق مستقل تموله الدولة!

وفي تصوري أن أعجب ما جاء في تلك الندوة هو ذلك الكلام العجيب الذي يذكر أن العديد من دول العالم تنبهت باكرا لحجم المشكلة في أنظمتها التقاعدية، إذ اضطر كثير منها إلى تغيير سن التقاعد برفعه إلى 62 و65 عاما، وإلغاء التقاعد المبكر (وذكر أحدهم في تعال عجيب أنه لا مبرر له إطلاقا)، ورفع الاشتراكات، وتعزيز أداء الصناديق الاحتياطية والاستثمارية التي تمثل طوق النجاة لحمايتها من التعثر.

والمتابع الذي انتابه الاندهاش يريد الوصول إلى الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا العجز المتوقع والمذكور مرارا في تلك الندوة، لكنه – مع بالغ الأسف – لم تتم الإشارة إليه لا من قريب ولا من بعيد.

ولتلوح في الأفق أسئلة كثيرة حول الاستثمارات المذكورة، وأين هي، ولماذا لا يعلن عنها بشفافية، وهل حققت عائدا جيدا، أم إنها ذهبت أدراج الرياح، وبقي القائمون على الاستثمار في الجهتين يبحثون عن حلول هي في واقعها تمس الجانب الأضعف وهو المشترك المسكين!

ومن المضحك أن يتحدث أحد المسؤولين في الندوة عن سخاء الأنظمة والمزايا التي تقدم للمتقاعدين فيقول: الكثير من المزايا التي تمنح للمتقاعدين التي تكاد تنفرد بها المؤسسة في المملكة، وليته أفصح عن واحدة منها سوى هذا الراتب المستحق الذي يحصله المشترك بعد أن أفنى سنوات عمره في الوظيفة وكان يدفع 9 % من راتبه شهريا!

أما ما يجعل المرء يضحك حتى يستلقي على قفاه فهو ذلك الحل الذي طرحه أحد المسؤولين ونصه «أن يتنازل الشخص عن نصف الراتب، إذ من الممكن أن يتحمل الشخص زيادة 2 أو 3 % في الاشتراكات، أو من الممكن تخفيض الراتب التقاعدي بمعدل 10 % أو 15 % وقد يتحمل الشخص هذا المعدل إذا لم يصل إلى مرحلة التقاعد، هذه تعد مبالغ قليلة ولكنها تتراكم مع مرور السنوات».

ومن لسانه يدان المرء، فأين ذهبت تلك الأموال المتراكمة؟
إن من المفترض تناول مثل هذه المواضيع بشفافية مطلقة، فمن غير المعقول رفض التقاعد المبكر فالموظف له الحق في ذلك وبخاصة إذا شعر بعدم القدرة على العطاء وأمضى السنوات المقررة نظاما، أو زيادة سن التقاعد، في حين أن معدل البطالة في ازدياد، أما التنازل عن جزء من الراتب فهذا ينطبق عليه قول «ليته سكت».

والمرجو هو التعامل مع هذه القضية الحساسة بشيء من الواقعية، بذكر الأرقام كاملة؛ فالملاحظ هو ذكر المصروفات من غير ذكر الإيرادات أو الإشارة إلى عوائد الاستثمارات، وذلك حماية لمستقبل الأجيال كما جاء في عنوان الندوة!
فهل يتحقق الرجاء؟

صحيفة مكة

أضيف بتاريخ :2016/06/20

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد