ناصر قنديل

  • أربعون عاماً والصدر غياب... وبري طيف الإمام

    – لم يكن في حساباتك سيدي لأي دور رجاء، ولا كان في حسابك أن يكون كما كان الوفاء. فعند أمثالك كما في الصلاة لوجه الله يكون الأداء، عذراً أننا لم ننصفك إلا في الغياب، ولم نقرأ بين سطور كتابك إلا بعدما ذقنا مر العذاب، ولم نعرف كم خسرنا مع إشراقة زرقة عينيك، ومعنى الصلاة والدعاء بين يديك، لكننا سيدي وبعد أربعين عاماً بلغت الغيبة فينا سن الرشد، فاكتشفنا أننا كشفناك، وجعلناك هدفاً للمتربصين، وأنت المترفع حتى الزهد، وفيك عرفان النساك، وبوصلتك اليقين.

  • إنّها حكاية هرمز وليست إدلب

    – يؤكد العسكريون الروس أن الوجود العسكري الأميركي في البحر المتوسط رغم النفي الأميركي، مرتبط بالتحضيرات لعمل عدواني يستهدف سورية بذريعة كيميائية مفبركة في إدلب، لتعطيل الحرب على الإرهاب، وتوحي كل المواقف الغربية والأممية التي تذرف الدموع على المدنيين وأحوالهم في الحرب، بأن الهدف هو عملياً خلق مناخ ضاغط لوقف العملية العسكرية للجيش السوري لتحرير إدلب. فلا أحد من المتباكين يتقدم بحل لفصل القضية الإنسانية عن مشروعية الحرب على إرهاب مجمع دولياً على ضرورة قتاله، والتمركز في إدلب عدا عن جبهة النصرة المسيطر الأول بين الجماعات المسلحة، والمصنفة إرهابية بإجماع دولي، يضم عشرات آلاف المسلحين الأجانب الأشدّ شراسة وخطورة في تركيبة المنظمات الإرهابية.

  • اتفاق الطائف على المحك

    – لا يبدو أن بين مستشاري الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري من يلفت انتباهه إلى أنه يمثل بتكليفه برئاسة الحكومة ترجمة لاتفاق الطائف، كما كان تكليف والده الرئيس الراحل رفيق الحريري الذي لم يكن توليه لرئاسة الحكومة نتاج امتلاكه أغلبية نيابية. وأن هذا النوع من التكليف لرئيس حكومة يقتضي منه ترجمة جوهر اتفاق الطائف وما تكرّس في مفهوم الحكومات التي ولدت في ظله، بكونها حكومات للوحدة الوطنية تضمّ المكونات التي تشكل الغطاء السياسي اللازم لممارسة السلطة بما لا يعرض السلم الأهلي للاهتزاز، من ضمن القوى التي ارتضت اللعبة السياسية التي رسمها الطائف محلياً وإقليمياً. وهي حكومات لم يكن غياب التيار الوطني الحر بداية والقوات اللبنانية لاحقاً عنها إلا تعبيراً عن وقوفهما خارج الأرضية السياسية الجامعة لتلك الحكومات، التي يصفها كل من التيار والقوات قبل انضمام تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي إليهما، بحكومات عهد الوصاية، رغم كون المستقبل والاشتراكي من أبرز مكوّنات تلك الحكومات وأصحاب النفوذ والمكاسب والمناصب في ظلالها.

  • الربع الأخير من ساعة الحرب... والسيد

    – بمقدار ما ترمز حرب تموز 2006 إلى المواجهة المفتوحة بين المقاومة كمشروع للتحرير وكيان الاحتلال كمشروع للعدوان، يمكن وصف كل جولة لاحقة من هذه المواجهة بالفصل الجديد من حرب تموز. وهكذا كانت جولات الاستنزاف الداخلي اللبنانية للمقاومة بين حرب تموز 2006 وتسوية الدوحة عام 2008 التي أنهت الفراغ الرئاسي والوضع الحكومي الشاذ، بعد ربع أخير في الساعة الداخلية آنذاك تمثل بقرار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة باقتلاع شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة، أنهته عملية قيصرية في السابع من أيار 2008 شكلت المرة الأولى لاضطرار المقاومة للانتقال من معاملة الخلافات الداخلية بقيمتها المضافة إلى استحضار فائض قوتها في الميدان، ولو لساعات قليلة.

  • الحل الذي يتجاهله الجميع للكهرباء

    – يبلغ إجمالي ما أنفق على الكهرباء من المالية العامة قرابة نصف الدين العام المتراكم منذ العام 1990 37 مليار دولار تقريباً وإذا أضيفت لهذه المبالغ فوائدها كديون محسوبة بذاتها ربما يصير دين لبنان كله كهرباء، والمفارقة أن تولّي وزارة الطاقة من وزراء ينتمون بالتتابع لأغلب الكتل السياسية لم يحمل معه حلولاً للأزمة التي يشكل حلها باباً حتمياً لنمو الاقتصاد، وتخفيف أعباء الخزينة، أو تحريرها من الأعباء، وخدمة مركزية تقع على عاتق الدولة، أي دولة نحو مواطنيها. والمفارقة الأخرى أن سوقاً موازية تنشأ تتموضع على ضفافها القوى السياسية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، هي من جهة سوق المولدات التي صار بعضها بحجم مدن ومناطق، ومصدر نفوذ في السياسة والاقتصاد، وبعضها مشرعن وبعضها أمر واقع. ومن جهة مقابل سوق وكالات شركات إنشاء معامل التوليد أو بواخر الإنتاج المستأجرة، ويتبادل المعنيون بكل منها تهم الفساد.

  • بولتون وباتروشيف والتفاهمات غير المعلنة

    – خلال أيام مضت كان التحضير للاجتماع الذي ضم مستشاري الأمن القومي الأميركي جون بولتون والروسي نيقولاي باتروشيف وتخللتها مواقف عالية السقوف من الجانبين الروسي والأميركي، طرحت تساؤلات عن مبرر اللقاء في ظل هذا التنافر والتباعد، الذي بلغ حد تحذير بولتون لموسكو من مسعى إعادة الإعمار في سورية من دون خروج إيران منها، وقابله رد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بمطالبة القوات التي لا تحظى برضا الحكومة السورية الشرعية بمغادرة سورية، لينكشف أمر آخر هو أن سورية موضوع التجاذب الأبرز الذي سيحضر على طاولة المحادثات.

  • ما هي حكاية المحكمة الآن؟

    – منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وقضية الاغتيال والتحقيق والمحكمة، قضية سياسية لا مكان لأي بُعدٍ يحمل مصداقية السعي القانوني في كشف حقيقة وتحقيق عدالة، كما يدّعي أهل التحقيق الدولي والمحكمة الدولية، وهم لا ينفكّون يهددون بهما خصومهم السياسيين، حتى كان هؤلاء عندما يريدون توجيه الرسائل السياسية للخصوم يقولون نلتقي في لاهاي في إشارة إلى مقدرتهم على جلب مَن يعارضهم إلى المحكمة، ولا حاجة للتذكير بحكاية شهود الزور ولا بالاعتداء على الكرامات وتوجيه الاتهامات، ولا بفبركة وقائع بغرض جعل الخصم السياسي هو المتهم، وجعل التبرئة من التهمة سياسية أيضاً.

  • إدلب مأزق تركيا الكبير

    – يريد الأتراك حلاً خيالياً لقضية إدلب يتمثل بتفكيك جبهة النصرة لعزل مَن يعتبرونها أقلية متطرفة وجذب أغلبية قابلة للاحتواء ضمن مجموعات تعمل تحت رايتهم وتنظيم سيطرتها على إدلب بما يشبه «قوات سورية الديمقراطية» ودخولها في التفاوض مع الدولة السورية حول مقايضة الانسحاب العسكري مقابل الشراكة السياسية، يشجع التفكير التركي علاقات أقاموها طوال فترة الحرب مع قادة النصرة وإمساكهم بمفاصل كثيرة للتسهيلات العسكرية واللوجستية التي تحتاجها النصرة للتحرك.

  • بوتين والأولوية السورية

    خلال ثلاث سنوات تقارب من نهايتها على التموضع الروسي في الحرب على سورية، تعيش روسيا مكانة خاصة لحماية وتحصين معاني ونتائج هذا التموضع الناتج عن اتخاذ روسيا قرار المبادرة الاستراتيجية الأولى من نوعها في تاريخها، بما في ذلك أيام الاتحاد السوفياتي،

  • حزب الله يدير الداخل بالقيمة المضافة لا بفائض القوة

    – جاء خطاب النصر للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في شقه الإقليمي، معززاً لليقين بالأثر الكبير للتحوّلات والنتائج التي حملتها الحرب على سورية، بصفتها «حرب تموز الكبرى» التي حاولت استيعاب دروس الفشل في تموز فجاءت بالفشل الأكبر، ليقول إن الانتصارات المتتابعة بين حلقات الحرب المفتوحة بين المقاومة وكيان الاحتلال من عام 2000 وإنجاز التحرير إلى حرب تموز 2006 وإنجاز إسقاط قدرة الردع، إلى الحرب في سورية وإنجاز إسقاط الدور الإقليمي لكيان الاحتلال، هي تعبير عن تفاوت استراتيجي في فلسفة القوة بين قوة فتية صاعدة تتقن تحويل كل فائض للقوة إلى قوة مضافة، وبالمقابل قوة عظمى في طور الأفول سدّت بوجهها مصارف تحويل فائض قوتها قيمة مضافة. فصارت كل مواجهة بين المقاومة والاحتلال بالأصالة أو بالوكالة محكومة بنهاية واحدة، هي انتصار الروح التي تكسب من كل نصر المزيد من التوهج والروح التي تذبل وتذبل حد التلاشي والشحوب.

  • التفوق بالزمن الاستراتيجي وتوهُّج الروح

    – في يوم النصر الذي انتهت معه جولة من جولات المواجهة التاريخية المفتوحة بين المقاومة وكيان الاحتلال فرصة للقراءة والتقييم وتسجيل العبر، خصوصاً مع النتائج التي تبدو محسومة لحاصل أضخم حروب القرن التي دارت في سورية وعليها وحولها، وكانت المقاومة في قلبها، كهدف ودور ومصير، ولا بدّ أن تُعتبر واحدة من جولات هذه المواجهة التي لم تنته في 14 آب 2006. ويصحّ معها القول إن حرب سورية كانت جولتها اللاحقة الأشد ضراوة، والتي حاولت استيعاب دروس حرب تموز بعد خمس سنوات من توقفها بهزيمة تاريخية لكيان الاحتلال، وكان أول الاستيعاب هو الاستعداد لحرب تدوم لسنوات دون أن يكون كيان الاحتلال في قلب الاستنزاف. وثاني الاستيعاب هو أن يتقابل مع المقاومة في الميدان جيش رديف لجيش الاحتلال يضاهي المقاومة في القدرة على تحمّل بذل الدماء هو تنظيم القاعدة بكل متفرّعاته. وثالث الاستيعاب هو حشد دول الغرب كله في هذه الحرب وربطها بتكريس معادلات دولية استراتيجية لحساب مشروع الهيمنة الغربية وترميمه بعد حروبه الفاشلة التي سبقت، وجعل الهدف سورية أي القلعة التي تستند إليها المقاومة والظهر الذي يسندها، ورابع الاستيعاب هو توزيع حصص الكعكة السورية على المشاركين الإقليميين من السعودية إلى تركيا وقطر وكيان الاحتلال الرابح الأول سواء سارت الحرب نحو بناء حكم تابع للغرب وجماعاته في سورية أو نحو التقسيم وولادة مجموعة كيانات تابعة أو على الأقل متناحرة.

  • ماليزيا وباكستان وإيران وتركيا: الدينار الذهبي الإسلامي

    – يعرف خبراء المال والاقتصاد أن الفارق كبير بين دعوات البعض للعودة إلى الذهب كضامن للاحتياط النقدي للحكومات كضامن لعملتها الوطنية، وبين إصدار عملة جديدة لدولة بعينها أو لدول عدة معاً. وبالمقابل معنى أن تكون العملة الجديدة ذهبية، خصوصاً عندما تكون جامعة لمدى يتخطى دولة واحدة، فالخيار الأول بات غير واقعي منذ خروج الولايات المتحدة الأميركية من اتفاقية بريتون وودز التي أقرّت عام 1945 وربطت الدولار بالذهب بسعر ثابت مقابل اعتماد الدولار عملياً لتسعير سائر العملات، وفي عام 1971 فكت واشنطن ربط الدلاور بالذهب وبقي الدولار مهيمناً على سوق العملات، وأي عودة تستدعي موافقة أميركية مستحيلة، وشمولاً عالمياً مستحيلاً أيضاً، هذا عدا عن ميل الحكومات بلا استثناء للحفاظ على حرية إصدرات نقدية بلا عبء توفير تغطيتها الذهبية وتحمل نتائجها التضخمية للالتفاف والمناورة على الأزمات التي تواجهها في الأسواق والموازنات.