#تقرير_خاص: الوفد السعودي في سوريا.. هل يعيد تدوير النظام السوري أم مجرد لعبة سياسية؟

علي الزنادي
تثير الزيارة التي قام بها وفد تجاري سعودي برئاسة وزير الاستثمار خالد الفالح إلى دمشق العديد من التساؤلات والتكهنات، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد الذي مزقته الحرب. فالتوقيت، والخلفيات، والدوافع الحقيقية وراء هذه الخطوة تفرض على المراقب أن يعيد النظر في ما يُعلن وما يُخفي وراء الأكمة.
إعلان الإعلام السعودي عن وصول أكثر من 120 مستثمراً ووجود صفقات بقيمة 15 مليار ريال سعودي، يثير تساؤلاً حول مدى جدية هذه الاستثمارات في بلد يعاني من دمار هائل يحتاج إلى أكثر من 500 مليار دولار لإعادة الإعمار. هل يمكن أن تكون هذه الأموال مجرد حبر على ورق، أو أنها بداية لعملية إعادة إعمار حقيقية؟ أم أنها مجرد واجهة لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية أعمق؟
وفي الوقت الذي تتحدث فيه الرياض عن دعم الاستقرار والتعافي الاقتصادي في سوريا، تتداخل الأهداف السياسية مع الاقتصادية بشكل واضح. فهناك مؤشرات على أن المنتدى التجاري ليس إلا غطاء لمشروع سياسي يسعى لإعادة تدوير النظام السوري بقيادة أحمد الشرع والجولاني، وتثبيت النفوذ السعودي في المنطقة. هذا التوجه يثير الشكوك حول نوايا السعودية الحقيقية ومدى رغبتها في بناء سوريا جديدة أو إعادة تأهيل نظامها السابق.
من جهة أخرى، تظل الشكوك قائمة حول مدى قدرة المشاريع السعودية على النجاح في ظل الظروف الحالية، خاصة مع تصريحات الموفد الأميركي توم باراك التي هدّدت بوقف الدعم لهيئة تحرير الشام المرتبطة بالشرع والجولاني. فهل ستتمكن السعودية من تحقيق مصالحها دون أن تتعرض لضغوط دولية أو إقليمية تعرقل مساعيها؟
السعودية لطالما كانت جزءًا من المشهد السوري منذ بداية الأزمة، حيث قدمت الدعم المالي واللوجستي للعديد من التنظيمات المسلحة التي شاركت في تدمير سوريا ونشر الخراب فيها. بل كانت جزءًا من التحالف الدولي الذي سعى لإسقاط النظام السوري عبر قطع العلاقات الدبلوماسية عام 2012.
وفي ظل هذا التاريخ الحافل بالدعم والتدخلات، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن أن تبني سوريا فعلاً من شارك في تدميرها؟ وهل يمكن أن يتحول الدعم الاقتصادي إلى عملية إصلاح حقيقية دون معالجة الجذور السياسية والأمنية للأزمة؟
إن الحديث عن التنمية المستدامة والمصالح الاقتصادية بين سوريا والسعودية يظل شعارًا جذابًا يُرفع لتبرير الخطوات الجديدة، لكنه لا يخلو من مخاطر التلاعب بالمصالح الوطنية السورية لصالح أجندات خارجية وإقليمية. فهل ستنجح السعودية في تقديم نموذج مختلف عن ماضيها السياسي والاقتصادي تجاه سوريا؟ أم أنها ستظل أسيرة مصالحها الخاصة وتعيد إنتاج نفس السياسات القديمة؟
ختامًا، فإن زيارة الوفد السعودي إلى دمشق تحمل رسائل متعددة ومتشابكة؛ فهي قد تكون خطوة نحو استثمار اقتصادي حقيقي أو محاولة لإعادة تدوير نظام قديم تحت غطاء سياسي جديد. لكن الحقيقة تبقى مرهونة بمدى قدرة الأطراف المعنية على تجاوز المصالح الضيقة والعمل لصالح الشعب السوري الذي يعاني منذ سنوات طويلة ويحتاج إلى دعم حقيقي وليس مجرد مشاريع سياسية واستثمارية سطحية.
أضيف بتاريخ :2025/07/24