محلية

#العبندي في لقاء مع ’ #خبير’: #المملكة.. وأزمة البطالة إلى أين؟ (1)

 

رحمة عبدالله ..

" لايوجد نظام لايمكن استغلاله بشكل سيئ" هكذا دافع نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية أحمد الحميدان عن المادة 77 من نظام العمل في تصريح له لجريدة الوطن السعودية، مؤكدًا بقائها، وقال عنها إنها: "صادرة بأمر سامٍ ولن يطرأ عليها أي تعديل".

مايعني أن معدل نسبة البطالة المتصاعدة في الأساس بالمملكة قد تكون في تصاعد أكبر وسط مخاوف من استغلال هذا المادة، ووفق لتقرير الهيئة العامة للإحصاء عن القوى العاملة في المملكة أن معدل البطالة بلغ في الربع الثالث من عام 2016، 12.11 بالمئة مرتفعا عن معدله في الربع الثاني من نفس العام الذي سجل 11.6 بالمئة.

وذكر التقرير أن أكثر من ثلث العاطلين عن العمل السعوديين هم من الفئة العمرية بين 24 و29 عاما، فيما تمثل السيدات السعوديات العاطلات نسبة 63.4  بالمئة.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "الاقتصادية"، يُعد معدل البطالة في نهاية الربع الثالث هو الأعلى منذ الربع الثالث 2012، حيث سجل نفس المعدل حينها.

ما جعل وزير العمل السعودي السابق مفرج الحقباني أن يبرر ارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين خلال الربع الثالث من عام 2016 إلى توقف بعض المشاريع في المملكة، إضافة لاستقبال سوق العمل أعدادا جديدة من خريجي الجامعات.

وقال الحقباني أنداك- حينما كان وزيرا- خلال مقابلة مع صحيفة سعودية بالتحديد في الـ ١٧ نوفمبر ٢٠١٦م، إن على الجهات المعنية  التدخل "وبشكل سريع" منعا لاستفحال مشكلة البطالة، مؤكدا سعي وزارته لتدارك الأمر بهدف الحد من "تأثر العمالة الوطنية بما يسمى قلة الإنفاق الحكومي"، وفق ما نقلت صحيفة الوطن.

وفي 2 ديسمبر 2016م، بعد أقل من شهر على مطالبة "الحقباني" تم إعفاءه من منصبه بقرار ملكي وبحسب الإعلام السعودي فإن إعفاءه جاء بسبب "ارتفاع نسبة البطالة لدى السعوديين بالإضافة إلى انخفاض توظيف المواطنين في القطاع الخاص"، وعين بدلاً عنه "علي الغفيص" .

ولايخفى على أحدٍ بأن البطالة تعد من أهم الأزمات التي تهدد استقرار أي مجتمع في العالم ويختلف ظهورها من مجتمع لأخر وقد تكون أسباب ظهور هذه الأزمة الكارثية أما سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية ولكن ماهي الأسباب الفعلية والحقيقة لظهورها وتناميها في دولة كالمملكة التي تعد من الدول ذات القدرات الكبرى المالية والنفطية في المنطقة؟ والتي تستعين بها دول أخرى في حل مشاكلها الإقتصادية والمالية!

 

زيادة معدل البطالة في بلد النفط الأسباب ...

وعند سؤاله عن الأسباب الحقيقية وراء زيادة معدل البطالة في بلد نفطي كالمملكة؟ أشار الإعلامي هاني العبندي إلى أن البطالة مشكلة سياسية واقتصادية  في آن واحد، وإن مُعاناة المملكة السعودية من هذه البطالة بالرغم من كونها دولة منتجة ومصدرة للنفط حول العالم تعكس التخبط في القرارات بالإضافة إلى أسباب عديدة ومتداخلة ومعقدة ، ولعلى غياب الأدوات العلمية والحرة لقياس مستوى البطالة لتسليط الضوء عليها أحد أسباب غياب النسبة الحقيقية لمعرفة حجم القُدرة المعطلة عن التنمية الاقتصادية والتي تلقي بضلالها على زيادة معدلات الفقر وتبعاته .

وقال "العبندي" في لقاء صحافي مع "خبير" إنه " مُنذ تشكل هذا الكيان السياسي والذي يُعرف اليوم بالمملكة السعودية وذلك وفق الطريقة التي تذكرها كُتب التاريخ أنه لم يعطي أولوية إلى خلق قوة اقتصادية تعددية ، فكانت أحد أبرز صور الدخل الإقتصادي عبر السياحة الدينية المتمثلة في كل من ( مكة المكرمة والمدينة المنورة ) إضافة إلى دفع الزكاة باعتباره حكم فقهي إسلامي ، إضافة إلى الزراعة والتجارة .  وجاء اكتشاف النفط في شهر مايو من عام ١٩٣٣عبر اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط بين الحكومة السعودية وشركة ستاندرد أويل أوف الأمريكية  لِيُغير الواقع الاقتصادي ويضع السعودية في مطلع أبرز الدول المنتجة والمصدرة للنفط على مستوى دول العالم .هذا الاكتشاف الإقتصادي الضخم لم يدفع بالحكومة السعودية إلى التفكير في خلق اقتصاديات متعددة في وقت مبكر مما جعلها وفق تعبير الأمير محمد بن سلمان صاحب رؤية ٢٠٣٠ الإقتصادية تصبح مدمنة على النفط “ أصبحت لدينا حالة إدمان نفطية في المملكة فعطلت تنمية القطاعات كثيراً .”

 معتبراً أن هذا التوصيف لم يكن يُراد منه التفكير الجاد والاتجاه في البدء في إيجاد بدائل اقتصادية بعيدًا عن النفط وصندوق الاستثمارات ، بقدر ما كان يُعبر عن محاولة الإمساك بالملف الإقتصادي وتوظيفه سياسيًا في خضم الصراع على كرسي الحكم بينه وبين وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.

وأضاف العبندي قائلاً: ومما يؤكد الطرح السابق هو صدور مجموعة دراسات استشرافية حديثة عن ورقة بحثية تتحدث عن المستقبل الاقتصادي والسياسي للمملكة  ، وذلك عبر تحليل 6 دراسات أكاديمية، تنتمي إلى عدة دول و هيئات أكاديمية متعددة ، و تشير هذه الدراسات إلى أن القوة المالية في نهايتها بسبب نقص المخزن المالي وتدني أسعار النفط التي تُقدر سعر البرميل وفقُا إلى الأسواق النفط العالمية في حدود ٥٠ دولارً ، فيما تؤكد الدراسة أن تحسن الأسعار لن يتجاوز ٧٠ في أفضل الاحتمالات مما يدق ناقوس الخطر الإقتصادي.

 إضافة إلى غياب التعددية في القوى الاقتصادية والتي لها من الآثار المدمرة ، تأتي مشكلة غياب مبدأ الشفافية المالية والذي يتمثل في السؤال المشهور “ من أين لك هذا “ نعم ، من أين إلى الأمير محمد بن سلمان رئيس المجلس الاقتصادي أن يحصل على يخت بقيمة 550 مليون دولار وفق تقرير صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الصادر في  ١٥ أكتوبر الماضي  ٢٠١٦ . وما موضوع شراء اليخت إلا مثال واحد فقط على الذي هو يؤثر أيضًا بصورة غير مباشرة على رفع معدلات البطالة .  

متابعاً: وأيضُا حرب اليمن هي صورة أخرى من صور الاستنزاف الاقتصادي المهلك للدولة لا سيما من استمرارها . وبكل تأكيد أنها حربًا غير شرعية ولا يوجد غطاء قانوني لها بل تُعد ما قامت به الحكومة السعودية  في اليمن من تدمير إلى البنية التحتية والحصار الغير إنساني يرتقى إلى جرائم حرب ضد الإنسانية.

وتساءل العبندي بقول: هنا يحق لنا أن نوجه سؤال من جزئيين إلى الحكومة السعودية وعلى وجه الخصوص  إلى  الأمير محمد بن سلمان بصفته رئيس المجلس الاقتصادي : لماذا هذه الحرب التي قتلتم فيها شعب اليمن وزجيتم فيها جنودكم عند الحدود ليقتلوا هم الآخرون، وهل لنا معرفة الكلفة الإقتصادية لهذا القرار الذي لم يشارك فيه الشعب ؟ وأضاف: ولأنني كصحافي مستقل لن يُسمح لي أن أُجري لقاء معه فأحد أعمق الإشكالات أن الحكومة السعودية تريد فقط من يُصفق لها وإن كان على حساب الحقائق المجردة .

ولفت العبندي إلى أن برنامج الابتعاث الذي كان في عهد الملك عبد الله، كان الكثير من الطلاب يتوقعون أن يحصلوا على فرص وظيفة إلا أن كثير منهم اصطدم بصخرة البيروقراطية والتي تعني البطء في التنفيذ مما يساهم في عرقلة السير الطبيعي لشؤون المواطنين، وكذلك  تعثروا بحجرِ الفساد المُستشري في القطاع الحكومي والأهلي، فكثير من تجارب الشباب تتحدث عن عدم توظيف أصحاب الكفاءات والقدرات بل من يتم توظيفه هم الأقارب، ولا ننسى أيضًا أن هناك تمييز مناطقي، قبلي، طائفي والذي في الحقيقة هو انعكاس طبيعي إلى بناء الدولة السعودية.

مشيرا إلى أنه بلا شك هناك جوانب أكثر عمقًا في قضية البطالة إلا أنني أجد هذه الأسباب التي أشرت لها ربما نكون من أهمها.

 

- آثار البطالة على المجتمع المحلي؟ وعلى المستوى الإقليمي والعالمي؟

أشار "العبندي" إلى أن الحديث عن آثار البطالة على المستوى المجتمع السعودي عديدة ولعلى أخطرها هي ارتفاع مستوى الجريمة بكل صورها كالسطو المسلح على عربة نقل أموال لأحد البنوك المحلية والذي حدث مؤخرًا في الرياض ، وسرقات ، القتل ، تجارة المخدرات .

وقال: في الحقيقة إن المتابع الجيد لما يُنشر في الصحافة الحكومية يجد قصص يشب لها الولدان وفي كثير منها نتيجة للبطالة ، وهنا أرغب في التأكيد على أن نسبة البطالة بين النساء أعلى بكثير من الرجال ، وذلك بسبب القيود الدينية التي تفرضها المؤسسة الدينية الرسمية ، ولا يغب عن جميع المتابعين للشأن السعودي أن  منع المرأة من قيادة السيارة يلعب دوراُ سلبيًا في تعطيل التنمية الاقتصادية من خلال هروب الأموال إلى الخارج والتي تقدر بالمليارات كما نشرت صحيفة الرياض في ٢٦ نوفمبر من العام ٢٠١٢ هذا العنوان  “ السعودية الثالث عالمياً في التحويلات النقدية للوافدين بقيمة 28.4 مليار دولار”  لو تخيلنا هذا المشهد الاقتصادي أي السماح إلى المرأة بالقيادة لتراجع هذا الرقم ، إلا أن الحكومة السعودية دائًما ما تدعي أن المجتمع غير جاهز لهذه الخطوة ، وكأن الحكومة السعودية تعيش في فضاء اجتماعي آخر ! .

 وأضاف العبندي: أم على المستوى الإقليمي فهو التوظيف السياسي إلى المجاميع الشبابية عبر زجهم في الصراعات السياسية بالمنطقة وإشراكهم في المنظمات الإرهابية ، تنظيم القاعدة ، تنظيم داعش وغيرها من التنظيمات .  ولا يمك أن تخلو من وجود سعوديون فيها ولهذا نجد على سبيل المثال ، في العراق وسوريا العديد منهم والذي يقاتلون وينفذون عمليات انتحارية في التجمعات البشرية كالأسواق ، المعابد الدينية على اختلافها وغيرها من أماكن عامة .

 مشيراً إلى تقرير حديث صادر عن صحيفة ديلي ميل البريطانية يقول : أنه تم القبض على مبتعث سعودي بمدينة برمنجهام على خلفية الاشتباه بتورطه في هجوم لندن الأخير ، إضافة إلى أن موقع البي بي سي العربية يشير إلى الكشف أن منفذ الهجوم قد عمل في السعودية في عام ٢٠٠٨ .

نعم هذه أثار غير مباشرة على المستوى الدولي ولهذا يأتي دور توظيف الفهم الديني الذي تتبناه المؤسسة الدينية الرسمية ليكمل ما نقص" بحسب "العبندي".

أضيف بتاريخ :2017/03/28