#تقرير_خاص: تحالف النفوذ: كيف استغل محمد بن سلمان علاقته مع ترامب لتعزيز سلطته الإقليمية والدولية

عبدالله القصاب
لطالما كانت العلاقات الشخصية جزءًا أساسيًا من السياسة الدولية، حيث تلعب الصداقات والتحالفات دورًا محوريًا في رسم ملامح السياسات الخارجية والداخلية للدول. ومن بين الأمثلة الأكثر وضوحًا على ذلك هو العلاقة التي جمعت ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي لم تكن مجرد علاقة دبلوماسية عادية، بل كانت استراتيجية مدروسة تهدف إلى تعزيز نفوذه في الحكم والسلطة.
بدأت هذه العلاقة بشكل غير تقليدي في عام 2017، حين كان ترامب لا يزال في بداية ولايته الرئاسية. تميزت اللقاءات بين الرجلين بالود والانسجام الشخصي، حيث وجد كل منهما في الآخر شريكًا يمكن الاعتماد عليه لتحقيق مصالحه الخاصة والعامة. كان ترامب يسعى لتعزيز المصالح الاقتصادية مع أكبر منتج للنفط في العالم، بينما كان بن سلمان يبحث عن دعم استراتيجي يعينه على تثبيت حكمه داخل المملكة وتعزيز مكانته الإقليمية.
لقد استغل محمد بن سلمان هذه العلاقة بشكل ذكي وفعّال، حيث عمل على توطيد علاقاته مع إدارة ترامب من أجل الحصول على دعم سياسي يعزز من شرعيته داخليًا وخارجيًا. فخلال فترة تولي ترامب للرئاسة، شهدت السعودية تغييرات جذرية على مستوى السياسات الداخلية والخارجية، وكان من أبرزها حملة مكافحة الفساد التي أُطلقت عام 2017 والتي كانت بمثابة خطوة لتعزيز سلطته وإضعاف خصومه داخل العائلة المالكة.
كما أن الدعم الذي تلقاه بن سلمان من ترامب ساعده على تمرير العديد من القرارات المهمة داخليًا وخارجيًا. فمثلاً، تمكن من فرض سيطرته على المؤسسات الاقتصادية والسياسية بشكل أكبر، وأصبح أكثر قدرة على اتخاذ قرارات جريئة مثل التغييرات الاجتماعية الكبرى والتدخل العسكري في اليمن. كل ذلك جاء نتيجة لثقة متبادلة وتفاهم استراتيجي بين الطرفين.
على الصعيد الإقليمي، عززت علاقة بن سلمان بترامب موقف السعودية كقوة إقليمية مؤثرة. إذ استفاد من الدعم الأمريكي لمواجهة التحديات الإقليمية مثل النفوذ الإيراني والأزمات السياسية في المنطقة. وفي المقابل، استطاع ترامب أن يستخدم العلاقة مع السعودية كوسيلة لتعزيز مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتحقيق أهدافه السياسية والاقتصادية.
لكن هذا التحالف لم يكن خاليًا من التحديات أو الانتقادات. فبعض المراقبين رأوا أن الاعتماد المفرط على دعم خارجي قد يضعف السيادة الوطنية ويجعل القرار السياسي السعودي رهينًا للمصالح الأمريكية. كما أن بعض السياسات التي اتخذها بن سلمان بدعم من ترامب أثارت جدلاً داخليًا وخارجيًا حول حقوق الإنسان والحريات السياسية.
وفي سياق تعزيز سلطته الداخلية، استخدم بن سلمان علاقاته الدولية لتشويه خصومه وإضعاف معارضيه داخل العائلة المالكة والمجتمع السعودي بشكل عام. إذ أتاح له الدعم الأمريكي فرصة لتقديم نفسه كحاكم قوي قادر على حماية مصالح المملكة ومواجهة التحديات الخارجية بكل حزم وقوة.
وفي النهاية, يمكن القول إن علاقة محمد بن سلمان مع دونالد ترامب كانت بمثابة سلاح ذو حدين؛ فهي مكنت الأخير من تعزيز سلطته وتحقيق طموحاته الشخصية والسياسية، لكنها أيضًا حملت مخاطر الاعتماد المفرط على قوى خارجية قد تتغير مصالحها أو تتبدل مواقفها مع تغير الإدارات السياسية.
إن فهم طبيعة هذا التحالف يسلط الضوء على أهمية العلاقات الشخصية والدبلوماسية في رسم السياسات الدولية والإقليمية اليوم؛ فهي ليست مجرد أدوات
أضيف بتاريخ :2025/05/22