#تقرير_خاص:الانفتاح التجاري في السعودية: فرصة أم فخ يهدد الاستقرار الاقتصادي؟

عبدالله القصاب
يبدو أن مسألة الانفتاح التجاري في السعودية أصبحت موضوعًا يثير الكثير من التساؤلات حول مدى توافقه مع الأهداف التنموية والاستقرار الاقتصادي للبلاد. ففي ظل التوجهات الحالية، يظهر أن السياسات الاقتصادية التي تتبناها الحكومة قد تضر بالاقتصاد المحلي أكثر مما تفيده، خاصة فيما يتعلق بحماية العمالة الوطنية ودعم الصناعات التقليدية.
تشير الدراسات الحديثة، مثل تلك التي نشرتها مجلة "Humanities and Social Sciences Communications"، إلى أن الانفتاح التجاري قد أدى إلى تدهور الصناعات المحلية وارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين، خاصة في القطاعات التي لم تتلقَ الدعم الكافي للتطوير أو الحماية. هذا يعكس خللاً واضحًا في استراتيجيات جذب الاستثمار الأجنبي، حيث يبدو أن الفوائد الموعودة لم تصل إلى المواطن السعودي بشكل مباشر.
من ناحية أخرى، فإن ارتفاع التضخم المالي وتزايد أسعار السلع والخدمات يمثل عبئًا إضافيًا على المواطنين، الذين يعانون أصلاً من ضغوط معيشية متزايدة. ومع غياب جهود حقيقية لمواجهة التضخم أو حماية القوة الشرائية للمواطنين، يتساءل الكثيرون عن الأولويات الحقيقية للحكومة السعودية في ظل هذه السياسات.
وفي الوقت الذي تسعى فيه المملكة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحقيق أهداف رؤية 2030، يبدو أن هناك فجوة واضحة بين الأهداف المعلنة والنتائج الفعلية على أرض الواقع. إذ إن السياسات الحالية تخدم مصالح الشركات والمستثمرين الأجانب أكثر من دعم وتطوير القدرات المحلية وخلق فرص عمل حقيقية للسعوديين.
هذه الحالة تثير مخاوف من أن الانفتاح التجاري قد يتحول إلى أداة لتعزيز مصالح فئة معينة على حساب مصلحة الوطن والمواطنين. فبدلاً من أن يكون وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة والتوازن الاقتصادي، يبدو أنه أصبح محفزًا لزيادة الاعتماد على الخارج وتقويض الصناعات الوطنية.
كما أن تدهور الصناعات التقليدية وفشلها في المنافسة أمام المنتجات المستوردة يعكس ضعف الدعم الحكومي لهذه القطاعات الحيوية. الأمر الذي يؤدي إلى فقدان المهارات والخبرات المحلية ويزيد من معدلات البطالة بين الشباب السعودي الباحث عن فرص عمل مستقرة.
وفي النهاية، فإن ما يحدث يطرح تساؤلاً جوهريًا حول مدى قدرة السياسات الاقتصادية الحالية على تحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات وتنمية الموارد البشرية وحماية المواطن من التضخم. فهل ستظل المملكة تتبع سياسات قصيرة النظر تؤدي إلى نتائج عكسية على المدى الطويل؟
ختامًا، يتطلب الأمر إعادة تقييم جادة للسياسات الاقتصادية المعتمدة، بحيث تكون أكثر عدالة وشفافية في توزيع فوائد الانفتاح التجاري. فالمصلحة الوطنية يجب أن تكون دائمًا في مقدمة الأولويات لضمان استقرار اقتصادي واجتماعي مستدام يحقق تطلعات الشعب السعودي ويعزز مكانة البلاد على الساحة الدولية.
أضيف بتاريخ :2025/06/03