التقارير

#تقرير_خاص: هل تتجه دول الخليج نحو خلافات مع واشنطن في سباق الذكاء الاصطناعي؟  

علي الزنادي

في ظل التوسع السريع لدول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، في مجال الذكاء الاصطناعي، تبرز مخاوف متزايدة في واشنطن من احتمالية تسرب التكنولوجيا الحساسة إلى الصين. هذا القلق يعكس تعقيدات العلاقات الدولية وتداخل المصالح بين القوى الكبرى، ويثير تساؤلات حول مستقبل التحالفات الاستراتيجية في المنطقة.  

تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز في الأول من يونيو يسلط الضوء على مخاطر محتملة تتعلق باستخدام شركات أو عمالة صينية من قبل الخليج، مما قد يفتح الباب أمام اختراق أمني كبير. فالتعاون مع الصين في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يحمل معه فرصًا اقتصادية واستراتيجية، لكنه يأتي أيضًا مع تحديات أمنية وسياسية لا يمكن تجاهلها.  

من جهة أخرى، يرى بعض الخبراء أن مستوى البحث العلمي والتطوير في الإمارات محدود بسبب قلة عدد السكان ونظام التعليم العالي الناشئ. إريك شينغ من جامعة محمد بن زايد يشير إلى أن هذه العوامل تؤثر سلبًا على قدرة الدولة على المنافسة عالمياً في مجال الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة. هذا يعكس تحديًا داخليًا يتطلب استثمارات ضخمة وتطوير منظومات تعليمية وتقنية قوية لضمان التقدم المستدام.  

أما سام وينتر-ليفي من مؤسسة كارنيغي فَيُبرز أن دول الخليج تفتقر إلى المواهب والرقاقات الإلكترونية الضرورية لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل مستقل وفعال. نقص الكوادر المتخصصة وضعف البنية التحتية التكنولوجية يُعدان عائقين رئيسيين أمام تحقيق الريادة الرقمية، مما يجعل الاعتماد على الشراكات الدولية خيارًا لا مفر منه أحيانًا.  

وفي ظل هذه المخاوف والتحديات، يبقى السؤال الأهم: هل ستظل دول الخليج وفية للتحالفات مع واشنطن أم أن سعيها للريادة الرقمية قد يقودها إلى خلافات؟ التاريخ يُظهر أن المصالح الاقتصادية والأمنية غالبًا ما تتداخل مع السياسات الوطنية، وقد تدفع الدول إلى اتخاذ مواقف مستقلة أكثر إذا شعرت بأنها غير محمية بشكل كافٍ ضمن التحالفات الحالية.  

من ناحية أخرى، فإن التعاون مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين يمكن أن يكون مفتاحًا لتحقيق أهداف التنمية والابتكار لدول الخليج إذا ما تم بشكل مدروس وشفاف. بناء شراكات استراتيجية تركز على حماية المصالح الوطنية وتبادل المعرفة والخبرات يمكن أن يقلل من المخاطر الأمنية ويعزز مكانة المنطقة كمركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.  

لكن الأمر يتطلب أيضًا تطوير قدراتها الداخلية بشكل أكبر؛ إذ لا يمكن الاعتماد فقط على الشراكات الخارجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي والأمني. الاستثمار في التعليم والبحث العلمي وتطوير البنية التحتية الرقمية هو السبيل لضمان استقلاليتها وتقليل الاعتمادية على الخارج، خاصةً في ظل المنافسة الشرسة بين القوى الكبرى.  

وفي النهاية، فإن مسألة الولاء والتحالف ليست ثابتة؛ فهي تتغير وفقًا للمصالح والأحداث الدولية والإقليمية. لذا، فإن دول الخليج بحاجة إلى استراتيجية واضحة ومتوازنة تجمع بين تعزيز علاقاتها مع الحلفاء التقليديين وتنمية قدراتها الذاتية لمواجهة تحديات المستقبل الرقمي والأمني بمرونة وذكاء.  

ختامًا، يبقى السؤال مفتوحًا أمام صناع القرار: هل ستنجح دول الخليج في موازنة طموحاتها الرقمية مع الحفاظ على ولائها للتحالفات القائمة أم أنها ستختار مساراً مستقلاً قد يغير موازين القوة الإقليمية والدولية؟ ا

أضيف بتاريخ :2025/06/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد