التقارير

#تقرير_خاص: السعودية وثاد: هل نُفرط بسيادتنا مقابل أمن مؤقت؟  

علي الزنادي

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، أعلنت المملكة العربية السعودية عن تفعيل أول بطارية من منظومة الدفاع الأمريكية “ثاد”، مما يعكس انزلاقًا خطيرًا نحو التبعية العسكرية لواشنطن. هذه الصفقة التي بلغت قيمتها 15 مليار دولار، تأتي في سياق تهميش واضح لمفهوم السيادة والاستقلال الوطني، وتُظهر أن المملكة تتجه نحو شراكات استراتيجية تخدم مصالح خارجية أكثر منها مصلحة وطنية.  

على الرغم من الترويج للصفقة كجزء من “رؤية 2030” وتوطين الصناعات الدفاعية، إلا أن الواقع يشير إلى أن التكنولوجيا والتحكم والتشغيل لا تزال بيد الولايات المتحدة. فتصنيع بعض المكونات في جدة لا يغير حقيقة أن المنظومة تعمل وفق أولويات البنتاغون، وليس وفق متطلبات الدفاع الوطني السعودي الحقيقي.  

هذا الأمر يفتح الباب أمام تحالفات عسكرية لا تعبر عن إرادة الأمة، بل عن مصالح الشركات والساسة الأمريكيين الذين يسعون لتعزيز نفوذهم في المنطقة على حساب السيادة الوطنية للمملكة. إن الاعتماد على منظومات دفاعية أجنبية يعكس ضعفًا استراتيجيًا ويهدد استقلال القرار العسكري والسيادي للمملكة.  

الأخطر من ذلك هو التزامن بين نشر منظومة “ثاد” في السعودية ونشرها في الكيان الإسرائيلي خلال عام 2024، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى ارتباط هذا التحرك بتوجهات التطبيع الأمني والعسكري مع إسرائيل. دون إعلان رسمي، أصبحت المملكة جزءًا من شبكة دفاع إقليمية أمريكية-إسرائيلية ضد إيران، مما يُعد انخراطًا فعليًا في مشروع تطبيع أمني وعسكري يُهدد استقرار المنطقة ويقوض مفهوم المقاومة والممانعة.  

تحويل أرض الحرمين إلى قاعدة عسكرية أجنبية ليس مجرد خطوة دفاعية، بل هو تفريط غير مسؤول بمكانة المملكة وسيادتها الوطنية. فالأمن الحقيقي لا يُبنى على الاعتماد على قوى خارجية تُحدد سياسات الدفاع والأمن وفق مصالحها الخاصة، وإنما عبر بناء قدرات ذاتية ومستقلة تعبر عن إرادة الشعب السعودي وحماية مصالحه العليا.  

إن ما يحدث اليوم يتطلب وقفة جادة من قبل القيادة والشعب السعودي قبل فوات الأوان؛ فالسيادة ليست مجرد شعار يُرفع، بل هي أساس استقلال الأمة وكرامتها. وعلى المملكة أن تعيد تقييم علاقاتها العسكرية والأمنية بما يخدم مصلحتها الوطنية بعيدًا عن الضغوط الخارجية والتبعية التي قد تكلفها الكثير مستقبلًا.  

وفي النهاية، فإن حماية السيادة والاستقلال تتطلب موقفًا واضحًا يرفض التفريط والتبعية، ويؤكد على ضرورة بناء قدرات دفاعية وطنية حقيقية تضمن أمن واستقرار المملكة بعيدًا عن أي تحالفات قد تضر بمصالحها العليا وتضعف مكانتها الإقليمية والدولية.

أضيف بتاريخ :2025/07/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد