#تقرير_خاص: السعودية ولبنان: هل إعادة التوازن أم فرض الهيمنة؟

عبدالله القصاب
تشهد الساحة اللبنانية تحركات سياسية متصاعدة من قبل المملكة العربية السعودية، تعكس رغبة واضحة في إعادة رسم ملامح المشهد السياسي الداخلي. زيارة السفير السعودي وليد بخاري إلى مدينة طرابلس، والتقاءه مع شخصيات سياسية بارزة مثل أشرف ريفي وفيصل كرامي، ليست مجرد خطوة بروتوكولية عابرة، بل تأتي في سياق استراتيجي أوسع يهدف إلى تعزيز النفوذ السعودي في الشمال اللبناني.
هذه التحركات تأتي في ظل تصاعد الضغوط على الحكومة اللبنانية، خاصة فيما يتعلق بملف سلاح المقاومة وخطوة «حصر السلاح بيد الدولة»، التي تثير جدلاً داخليًا وإقليميًا. فالسعودية تسعى من خلال هذه المبادرات إلى توظيف الدعم الاقتصادي والاستثماري كأداة ضغط، لفرض شروطها السياسية والأمنية على لبنان، بهدف إعادة تموضعه ضمن المحور العربي الموالي لها.
الهدف المعلن هو دعم الدولة اللبنانية وتعزيز مؤسساتها، لكن الواقع يشير إلى أن هذه الخطوات قد تفتح الباب أمام مخاطر حقيقية تتعلق بسيادة لبنان واستقلال قراره الوطني. إذ أن ربط المساعدات والاستثمارات بشروط سياسية يعزز من احتمالات التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية، ويهدد بتقويض قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات مستقلة.
وفي الوقت الذي تتحدث فيه الرياض عن دعم الاستقرار والتنمية، فإنها في ذات الوقت تسعى لتكريس نفوذها عبر تشكيل جبهة سنية موالية لها، قادرة على موازنة قوى المقاومة وحلفائها. هذا المسار يثير تساؤلات حول مدى نوايا السعودية الحقيقية: هل هي محاولة لإعادة التوازن الداخلي فعلاً، أم أنها خطوة نحو فرض هيمنة خارجية تعمق الانقسامات والصراعات؟
من جهة أخرى، فإن لبنان يعاني أصلاً من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، وتدخلات خارجية متكررة تزيد من تعقيد المشهد. فهل ستتمكن الحكومة اللبنانية من الحفاظ على استقلاليتها وسط هذا الضغط المتزايد؟ أم أن الابتزاز السياسي والاقتصادي سيؤدي إلى مزيد من التدهور والانقسامات الداخلية؟
وفي النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل يسعى المجتمع الدولي والدول العربية المعنية للحفاظ على وحدة لبنان وسيادته؟ أم أن المصالح الإقليمية ستظل تحكم اللعبة السياسية على حساب استقرار البلاد ومستقبل شعبها؟ إن ما يحدث اليوم يضع لبنان أمام مفترق طرق حاسم يتطلب وعيًا وطنيًا عاليًا للحفاظ على هويته واستقلال قراره.
ختامًا، تبقى التحركات السعودية جزءًا من معادلة إقليمية ودولية معقدة تتداخل فيها المصالح والتحديات. وعلى اللبنانيين أن يكونوا يقظين تجاه محاولات فرض أجندات خارجية تحت غطاء الدعم والمساعدة، وأن يسعوا للحفاظ على وحدتهم الوطنية وسيادتهم الوطنية بعيدًا عن أي ابتزاز أو تدخل خارجي غير مبرر.
أضيف بتاريخ :2025/08/15