التقارير

#تقرير_خاص: غياب الزعماء الخليجيين عن قمة شرم الشيخ: رسالة سياسية وتداعيات إقليمية

عبدالله القصاب

شهدت قمة شرم الشيخ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لكن غياب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الإمارات محمد بن زايد لم يمر مرور الكرام، حيث اعتبر الكثيرون أن هذا الغياب يحمل رسالة سياسية واضحة تستهدف توازن القوى والإشراف على المشهد الإقليمي.

إن غياب القادة الخليجيين عن القمة، مقابل حضور محدود من قبل المسؤولين المصريين، يعكس توترًا سياسيًا بين مصر ودول الخليج. فالمصادر السعودية والإماراتية أكدت أن هذا التصرف يحمل رسالة مفادها أن قادة الخليج لن يسمحوا لمصر بالاستئثار بالأضواء أو الحصول على الفضل الكامل في التوصل إلى الهدنة، خاصة في ظل ما يراه بعضهم من دور محوري لمصر في الوساطة بين إسرائيل وحماس.

ويبدو أن مصر، التي تلعب دورًا محوريًا ومثيرًا للجدل في الملف الفلسطيني، حاولت أن تظهر كوسيط رئيسي، رغم الانتقادات الواسعة التي وجهت إليها بسبب إغلاق معبر رفح، مما ساهم في تشديد الحصار على غزة وخلق أزمة إنسانية كبيرة. كما أن تضييق السلطات المصرية على كل صوت يعبّر عن التضامن مع الفلسطينيين زاد من حدة التوتر مع دول الخليج التي تتطلع إلى دور أكبر في إعادة الإعمار ودعم جهود الإغاثة.

وفي سياق متصل، تكشف هذه التوترات عن فجوة أيديولوجية عميقة بين مصر، ودول الخليج التي تتوجس من حركة حماس، التي تعتبرها رمزا للمقاومة الإسلامية قد يثير حراكا داخليا، خاصة مع تزايد شعبية حماس في الشارع العربي. فالرياض، بحسب مصادر، تعتبر حماس قنبلة موقوتة تهدد مشروعها الوطني، وتخشى من أن تشجّع حركتها حراكا داخل السعودية ذاتها, خاصة في ظل الانفتاح الجديد الذي بدأ يثير قلق النخبة المعارضة.

أما الإمارات، فهي تتخذ موقفًا أكثر حذرًا وتعارض أي هدنة تظلّ وجود حماس قائما، معتبرة أنها تشكل تهديدا استراتيجيا على سيطرتها داخل إماراتها، وهو توتر يبرز بشكل واضح في مواقف المسؤولين المقربين من العائلة الحاكمة. فالارتباطات الإقليمية والخلفية الأمنية تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مواقف دول الخليج من المبادرة المصرية، والتي تبدو غير مقبولة لهم في ظل المخاوف من تصاعد النفوذ الإسلامي.

وفي سياق محاولات استعراض النفوذ، كان من الواضح أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان يسعى لإظهار نفسه كصانع سلام إقليمي جديد، لكن تسليط الضوء على الدور المصري وتهميش دور الخليج أضعف تلك الصورة، خاصة مع التواجد الأميركي والرهانات على علاقات الخليج مع واشنطن.

ويعكس غياب الوحدة العربية وصمت قادة الخليج عن المشاركة فعليًا في الحدث، حالة من الكبرياء السياسي وحسابات معقدة وخصومات لم تُحسم بعد، ما يوضح أن المشهد الإقليمي يتجه نحو مزيد من التوازنات الدقيقة والمواضعات التي لم تكتمل بعد. ففي النهاية، فإن الغياب عن قمة شرم الشيخ ليس مجرد موقف بروتوكولي، بل رسالة سياسية عميقة تعكس الانقسامات والتحولات في المنطقة، التي ربما تفضي إلى إعادة ترتيب الأوراق بشكل يصعب التنبؤ بنتائجه.

وفي ظل ذلك، تبرز الحاجة إلى فهم أعمق للأبعاد السياسية والأيديولوجية التي تحكم مواقف دول الخليج ومصر.

أضيف بتاريخ :2025/10/16

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد