التقارير

#تقرير_خاص: السباق على السيطرة المالية: الإمارات والسعودية يتنافسان في ميدان المنافسة الإقليمية  

عبدالله القصاب

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في المنافسة بين الإمارات والسعودية على الصدارة في المنطقة الاقتصادية والمالية، حيث تتسارع التحركات من قبل الطرفين لتعزيز مركزهما الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، برزت دبي سابقاً كعاصمة مالية إقليمية معروفة، لكن المشهد بدأ يتغير مع توجه المملكة العربية السعودية نحو تعزيز حضورها المالي والتجاري على الساحة العالمية.  

إعلان وزارة الاستثمار السعودية برئاسة خالد الفالح عن اعتزام الرياض افتتاح مقر إقليمي لبنك باركليز يعكس رغبة المملكة في بناء حضور قوي يضاهي النفوذ الذي كانت تتمتع به دبي سابقاً. ويأتي هذا الإعلان في ظل حضور رئيس التنفيذي للبنك في منتدى "فورتشن العالمي"، مما يعكس أهمية هذه الخطوة على الصعيدين الاقتصادي والدبلوماسي.  

وليس بنك باركليز وحده، فالمؤسسات المالية العالمية مثل غولدمان ساكس وسيتي غروب وبلاك روك، بدأت تتخذ من الرياض مقراً جديداً لها، بتعاون وثيق مع صندوق الاستثمارات السعودي. هذا التغيير في مراكز السيطرة يعكس بشكل واضح نية السعودية ليس فقط لتعزيز بنيتها المالية، بل لضخ دماء جديدة في السوق المحلية وإمكانية جذب استثمارات عالمية أكبر.  

أما على الجانب الآخر، فما يعزز من حدة التنافس هو أن القطاع المالي يمثل جزءاً من التنافس الاستراتيجي الأعم بين الإمارات والسعودية، الذي يمتد ليشمل مجالات عسكرية، وسياسية، وتكنولوجية. إذ يسعى كل طرف إلى ترسيخ نفوذه الجيوسياسي من خلال السيطرة على النفوذ المالي كمفتاح للهيمنة الإقليمية.  

وفي حين كانت دبي في الماضي تُعد نقطة الوصول الرئيسية للمؤسسات المالية الدولية في المنطقة، فإن التوجه السعودي الحالي يعكس رغبة في تحقيق توازن وتحقيق تقدّم مُماثل، بل وتجاوز ذلك، عبر استقطاب أكبر عدد من الأسماء المالية العالمية وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار.  

من جهة أخرى، فإن هذا التصعيد يؤكد أن المنطقة لم تعد تقبل بأشكال قديمة من النفوذ، وأن القوة الاقتصادية أصبحت جزءاً أساسياً من موازين القوى الجيوسياسية. إذ تحرص الدول على أن يكون لها موطئ قدم في المراكز المالية العالمية كوسيلة لتعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية على السواء.  

هذا التنافس، رغم أنه يخلق موجة من التطور والنمو، إلا أنه يحمل في طياته أيضاً احتمالات لتشديد الصراعات وتكديس النفوذ، خاصة إذا استثمرت الدول في استراتيجيات طويلة الأمد. وينبغي أن يكون هناك وعي بأن التعاون بين الطرفين، بدلاً من الصراع المستمر، يمكن أن يحقق مصالح أكبر وتطويراً أكثر استدامة للمنطقة.  

وفي الختام، يتضح أن المواجهة بين الإمارات والسعودية حول النفوذ المالي ليست مجرد صراع على الأرقام، بل جزء من معركة أوسع على السيطرة على النفوذ السياسي والجيوسياسي في المنطقة. مستقبل المنطقة قد يتحدد من خلال قدرة كل طرف على التوازن بين المنافسة والتعاون، لضمان استقرار وتنمية مستدامة تراعى مصالح الجميع.

أضيف بتاريخ :2025/10/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان