#تقرير_خاص: التطبيع السعودي الإسرائيلي: نحو تحولات جيوسياسية غير مسبوقة في الشرق الأوسط
عبدالله القصاب
تشير المؤشرات والمعلومات المتداولة إلى أن مسار التطبيع بين السعودية والكيان الإسرائيلي يتجه نحو خطوات عملية وجدية، مما يفتح آفاقًا جديدة لترتيبات جيوسياسية في المنطقة. فتصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين حول مشروع ضخم لإنشاء ممر طاقة يربط تل أبيب بالرياض تؤكد أن المرحلة القادمة قد تشهد تغييرات جوهرية في علاقات الدولتين. هذا المشروع، الذي يهدف إلى نقل النفط والبضائع من الخليج عبر إسرائيل إلى أوروبا، يعكس تطورًا غير مسبوق في إطار التعاون الاقتصادي والأمني بين الطرفين، يُعزز من مصالحهما الاستراتيجية على حساب السياسات التقليدية التي كانت ترفض التطبيع.
تتمثل أهمية المشروع في أهميته الاقتصادية، حيث يُتوقع أن يُنظم تمويل سعودي يُقدر بعشرين مليار دولار لتطوير شبكة السكك الحديدية على مستوى المنطقة، مع خطط لاحقة لتمديد الربط مع الخليج. يشير ذلك إلى نية حقيقية في إقامة بنية تحتية متقدمة لنقل الطاقة والبضائع، مما قد تترتب عليه آثار مباشرة على موازين القوة الاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة. فاستثمار مثل هذا يعكس رغبة السعودية في تنويع مصادر دخلها وتأكيد حضورها كقوة اقتصادية فاعلة تتقاطع مع مصالح إسرائيل في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
أما على الصعيد الأمني والسياسي، فإن الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، وهي الأولى منذ سنوات، تُبرز أن الرياض تسعى للبحث عن ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، وربما تتضمن اتفاقيات قد تتصل بتطبيع العلاقات مع إسرائيل. إذ يقف في خلفية ذلك تصور واشنطن لصفقة استقرار الشرق الأوسط، يتم من خلالها الدمج بين المصالح الأمنية والاقتصادية، في إطار مساعٍ لتوفير بيئة أكثر استقرارًا وتعاونًا إقليميًا.
وفي سياق متصل، فإن خطة التعاون الاقتصادي لا تتوقف عند الحدود النفطية، بل تمتد إلى مشاريع مستقبلية مثل مدينة نيوم، التي يُفترض أن تصبح مركزًا للتكنولوجيا والتطوير الاقتصادي، وقد تكون منصة لتقريب الشعوب وتعزيز الروابط بين السعودية وإسرائيل. إن بناء اقتصاد مشترك يتجاوز المصالح التقليدية، ويؤسس لعلاقات ترتكز على التعاون في المجالات الحديثه، قد يغير ملامح الشرق الأوسط من منطقة صراعات إلى منطقة تحالفات وتطوير.
الإشارات والتسريبات حول تمويل مشاريع الربط بين السعودية وإسرائيل، بالإضافة إلى مخططات خط أنابيب النفط، تثير تساؤلات عن مستقبل العلاقات الإقليمية، وتخدم في إطفاء نار الخلافات التقليدية، لصالح مسارات جديدة تعتمد على المصالح الاقتصادية، مع احتمالية توسعها لتشمل مجالات الأمن والتكنولوجيا. فهذه التحركات، إن صحت، قد تؤدي إلى إعادة ترتيب الأولويات، وتشكيل تحالفات قد تتجاوز الحدود التاريخية التي كانت تميز المنطقة.
لكن، على الرغم من الأهمية الاقتصادية والسياسية لهذه الخطوات، هناك مخاوف من أن تلامس تطلعات الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، مصالحها الخاصة على حساب مصالح شعوب المنطقة، التي قد تجد نفسها في مواجهة تحالفات غير معلنة، تقلل من دورها وتفرض واقعًا جديدًا يختلط فيه عنصر التفاهم مع التهديد. لذا، فإن استمرار المقاومة الشعبية والسياسية لمشاريع التطبيع يبقى عنصرًا حاسمًا في رسم مسار الأحداث.
أضيف بتاريخ :2025/10/31










