التقارير

#تقرير_خاص: حماية حرمة الحرم: بين الواجب الإنساني والرقابة على الأجهزة الأمنية

عبدالله القصاب

في حادثة أثارت صدمة واسعة وغضبا عارما على مستوى الوطن العربي والعالم الإسلامي، تداول رواد مواقع التواصل مقطع فيديو يظهر اعتداء رجل أمن سعودي على معتمر مصري وزوجته داخل المسجد الحرام بمكة المكرمة. المشهد الذي لا يتجاوز الدقيقة، يكشف عن تصرف يندى له الجبين ويثير تساؤلات حول مدى احترام الأجهزة الأمنية للمكان المقدس ولحرمته، وحول مدى التزامها بالمعايير الإنسانية والأخلاقية في التعامل مع الزوار والمعتمرين.

المتظاهر من خلال الفيديو هو مشادة كلامية بين رجل الأمن والمعتمر؛ قبل أن يختار الأمني أن يعتدي على المعتمر بالضرب، ويزيد من حدة الموقف رفع صوتَه أمام الزوجة. المعتمر رد على تصرفات رجل الأمن بهدوء، معربا عن استيائه من التصرف غير اللائق، مطالبا زوجته بتوثيق الحادثة، حيث قال “صوّري.. إحنا بنتبهدل في السعودية من فرد الأمن”. هذا التصرف أدى إلى انتشار المقطع بسرعة كبيرة، مع موجة استنكار واسعة من قبل رواد مواقع التواصل.

يبدو أن الصورة التي نقلها الفيديو لا تتعلق بحادث عارض، بل تعكس نمطا متكررا من التعامل المهين والتعسفي من قبل بعض رجال الأمن مع الزائرين، خاصة من الجنسيات العربية. هذا الواقع يثير تساؤلات عن مدى الالتزام بالمبادئ الإنسانية وعن مدى احترام المكان المقدس، خاصة في ظل وجود سلطات أمنية يُعطى أفرادها سلطات مفرطة دون رقابة أو مساءلة فعالة.

وتأتي المطالبات من قبل عدد كبير من الناشطين والإعلاميين، إلى وزارة الخارجية المصرية للتحرك بسرعة وفتح تحقيق رسمي، لمحاسبة الجناة وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث. إذ أن الاعتداء على معتمر داخل بيت الله الحرام هو تجاوز خطير لا يمكن تبريره تحت أي ظرف، ويجب أن يكون هناك مساءلة صارمة لضمان حماية كرامة الإنسان والحفاظ على قدسية المكان.

لا يخفى أن هذه الحادثة ليست معزولة، بل تتكرر في سياق يزداد فيه عزلة الأجهزة الأمنية السعودية عن الواقع، حيث يُمنح الأفراد سلطات واسعة دون رقابة حقيقية، خاصة داخل الحرم المكي، الذي يُفترض أن يكون رمزًا للسكينة والأمن. إن أي تصرف غير مسؤول يهدد هذه الصورة، ويضر بمصداقية المؤسسات الأمنية ويؤثر سلبًا على الصورة الذهنية للمملكة كبلد مضيف وأمين.

وفي ظل غياب رد رسمي واضح حتى اللحظة، تتواصل المطالبات الشعبية والإعلامية بضرورة محاسبة المعتدي، وضمان احترام حقوق المعتمرين، الذين وفدوا إلى أقدس بقعة لزيادة قربتهم الروحية، لا للإهانة والعنف. فالحرم المكي يجب أن يكون مكانًا للطمأنينة والسكينة، وليس لمشاهد العنف والتنكيل.

وفي النهاية، فإن حماية حرمة الحرم ونشر ثقافة الاحترام والتقدير لا يتحققان فقط من خلال الشعارات، وإنما بالأفعال والممارسات التي تؤكد أن قدسية المكان تظل مصانة، وأن حقوق الإنسان، بغض النظر عن جنسيته، مصانة أيضًا. إن احترام المعتمرين والحجاج هو من أساسيات الوجدان الإسلامي، ويجب أن يكون أولوية قصوى للمسؤولين، لضمان أن يبقى بيت الله مكانًا للرحمة والسكينة وليس للعنف والإهانة.

أضيف بتاريخ :2025/11/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان