التقارير

#تقرير_خاص: السعودية وتأثيرها في المشهد اللبناني: عوامل الضغوط والتحديات


علي الزنادي

يشهد لبنان في الفترة الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق من قبل قوى إقليمية ودولية، إذ تتزايد الضغوط السعودية والأميركية على بيروت، بهدف فرض تغييرات جوهرية في موازين القوى داخله. هذا السياق يطرح أسئلة مهمة حول مستقبل الدولة اللبنانية، ومدى قدرة لبنان على مقاومة التدخلات الخارجية التي تهدف إلى تقليص نفوذ حزب الله، الذي يُعد من القوى الرئيسية في لبنان، والتي تستند إلى دعم شعبي وسياسي متين.

وسائل الإعلام الغربية كشفت عن حملة ضغط متصاعدة، تتضمن خطوات سرية وعلنية، تهدف إلى إرغام الحكومة اللبنانية على تنفيذ ما يسمى بـ"الهدنة"، وهي اتفاقات تم التوصل إليها بوساطة أميركية، وتتركز بشكل خاص على نزع سلاح حزب الله. هذا الملف يثير تساؤلات حول مدى قدرة لبنان على الحفاظ على إرادته الحرة، وسط تداخل المصالح والنفوذ من قبل قوى إقليمية، خاصة السعودية وإسرائيل.

ما يلفت الانتباه هو الدور المحوري الذي تلعبه السعودية في هذا المشهد، إذ تُوظف نفوذها السياسي والاقتصادي لدفع لبنان نحو خطوات تتماهى مع الموقف الإسرائيلي، في محاولة لتحجيم حزب الله الذي يُعتبر ركيزة المقاومة في المنطقة. المملكة، ضمن تفاهمات أوسع مع واشنطن، تسعى إلى تقليل قدرات حزب الله، في محاولة لإعادة لبنان إلى الحالة التي تلبي مصالح القوى الكبرى على حساب مقاومته واستقراره.

التنسيق بين السعودية وإسرائيل في هذا الإطار يُنقلُ عبر وسائل الإعلام الغربية إلى مستوى غير مسبوق من السرية، ويُبرز مدى تحالف قوى إقليمية ضد النفوذ الإيراني وحلفائه، وعلى رأسهم حزب الله. تلك السياسة لا تقتصر على التصعيد الإعلامي فحسب، بل تمتد إلى الميدان، حيث أُجبر الجيش اللبناني على مصادرة أسلحة تابعة للحزب، في خطوة تُعَدُّ بمثابة استجابة لضغوط خارجية، وتُهدد الاستقرار الداخلي للبنان من جهة أخرى.

وفي ظل هذا المسار، تتساءل الأوساط الإعلامية والرأي العام اللبناني عن مدى رضا المملكة ودول الخليج عن أن تكون أدوات في مشروع إقليمي يهدف إلى تصفية حزب الله، دون إعلان رسمي، وتُعدُّ خطوة تطبيعية غير معلنة بين الرياض وتل أبيب من الأدلة على ذلك. فالتطبيع، وإن كان على مستوى غير معلن، يُنذر بمسار جديد يعصف بمفهوم السيادة الوطنية، ويُعقدُ من أزمة الانقسام الداخلي.

أما على مستوى الداخل اللبناني، فالأزمة تتصاعد، فالجيش يجد نفسه محاصرًا، مطالبًا في الوقت ذاته بالحفاظ على الاستقرار، وفي ذات الوقت يواجه تحديًا شديدًا في توازن بين مطالب الخارج واحتياجات الداخل. إذ يُفرض عليه ضبط الحدود، ومصادرة السلاح، في إطار حملة مُنظمة تسعى إلى تقليص نفوذ حزب الله، مما يهدد بزعزعة التوازنات السياسية والأمنية في البلاد.

وفي سياق متصل، يبرز سؤال مصيري حول مدى قدرة لبنان على الصمود في وجه هذه التحديات، خاصة مع استمرار العدوان الإسرائيلي وتصاعد مستوى التصعيد، الذي يضع البلاد على نار الحرب إقليمياً ودولياً. لبنان، هنا، يقف بين خيارين كلاهما مر، فإما أن يحافظ على استقلاله وسيادته، أو ينزلق أكثر نحو الفوضى والانقسام، تحت وطأة الضغوط الخارجية والداخلية.

أضيف بتاريخ :2025/11/07

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان