#تقرير_خاص: هل تحالف القاهرة‑الرياض مجرد غطاء أم مواجهة لصراعات خفية؟
عبدالله القصاب
على الرغم من التصريحات الرسمية التي تؤكد على قوة واستقرار التحالف السعودي‑المصري، إلا أن التسريبات الحديثة تكشف عن وجه آخر لهذا التحالف المعلن، يتمثل في صراع إقليمي مغلف بالسيطرة والنفوذ. فحساب “الملك” على منصات التواصل، الذي يُعرف بمساره في كشف التسريبات، أكد وجود خلافات سرية بين الرياض والقاهرة تعود إلى عام 2017، وتحمل في طيّاتها تنافسًا على قيادة المشهد العربي والإقليمي.
هذه التسريبات تفضح حقيقة أن التحالف الذي يبدو واضحًا للعيان، هو في جوهره أكثر هشاشة مما يُروّج له، إذ يُخفي وراءه صراعات استراتيجية عميقة لم تستقر بعد. من أبرز مظاهر ذلك، سعي الرياض للسيطرة على منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذي ظل حكراً على مصر لفترة طويلة، بالإضافة إلى محاولات نقل مقر الجامعة إلى المملكة، وهو ما حال إصرار القاهرة دون تحقيقه، مشيراً إلى نزاعات رمزية وواقعية على النفوذ العربي.
وعلاوة على ذلك، تتخذ الخلافات أبعادًا إعلامية وسياسية، حيث تحولت إلى حملات ممنهجة من جانب السعودية لمهاجمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بما يعكس تصدعات في العلاقة، خاصة مع تصاعد الحديث عن إقامة قاعدة عسكرية في تيران وصنافير، وهو ملف يحمل في طيّاته أبعادًا استراتيجية، خاصة مع دعم الرياض لمشاريع ربما تهدد الموقف المصري في المنطقة.
أما الملف الفلسطيني، فهو ساحة أخرى تتجلى فيها الصراعات الخفية بين البلدين، حيث يبدو أن المملكة تسعى لتعزيز مكانتها على حساب مصر، من خلال تنظيم مؤتمرات داعمة لخطط حل الدولتين، بما يوحي برغبة في فرض هيمنتها على المشهد العربي والإسلامي، وهو تقاطع مصالح مع واشنطن وتل أبيب، يعكس رغبة المملكة في لعب دور أكبر على الساحة الدولية.
كل هذه الأبعاد تؤكد أن التحالف السعودي‑المصري ليس إلا غطاء لاحتواء تفاوت القوى والصراعات الداخلية، إذ أن المصالح الإقليمية والداخلية لكل من البلدين تفرض اختلافات قد تتصاعد إلى نزاعات مفتوحة، في ظل استهداف الرياض لمزيد من النفوذ، حتى وإن حاولت إظهار الصورة الإعلامية المثالية أمام العالم.
وفي النهاية، يمكن القول أن التفاهمات المعلنة لا تخفي وراءها أوهام استقرار حقيقي، فالصراعات الخفية التي تدور تحت الطاولة قد تفضي إلى إعادة تقييم للعلاقات بين القاهرة والرياض، خاصة مع استمرار انخراط كل طرف في استراتيجياته لتحقيق مصالحه الخاصة، بعيدًا عن الأهداف المشتركة المعلنة. وظيفة التحالف هنا قد تكون أكثر تعقيدًا وارتباطًا بالتنافس الإقليمي، أكثر مما يروّج له الإعلام، وهو ما يستحق مراقبة حثيثة ومعرفة أعمق بطبيعة الصراعات الجارية خلف الأضواء.
أضيف بتاريخ :2025/11/12










