#تقرير_خاص: عودة الدفء إلى الحياء الخليجي: رحلة التآلف والتعاون بين قطر والسعودية
علي الزنادي
شهدت المنطقة الخليجية تحولات استراتيجية مهمة في السنوات الأخيرة، حيث أخذت العلاقات بين قطر والمملكة العربية السعودية بوجه خاص اتجاهًا نحو التهدئة والاستعادة. وصول أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، إلى الرياض برفقة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يبعث برسائل واضحة عن نية الطرفين في إعادة بناء الثقة وتعزيز التعاون المشترك، بعد فترة من التوترات والاختلافات التي كُنيت بـ"الأزمة الخليجية". هذه الزيارة الرسمية ليست مجرد عودة للروابط التقليدية، بل تفتح صفحة جديدة في العلاقات الإقليمية، وتسهم في استقرار المنطقة.
لقد كانت السنوات الماضية شاهدة على تصعيد الخلافات بين الأشقاء، حيث انضمت كل من الإمارات، والبحرين، ومصر إلى الحصار المفروض على قطر، في محاولة لفرض سياسة معينة على قطر بما يهدف إلى إقصائها من المشهد الإقليمي. هذا السياق أضر بالمصالح المشتركة، وأثار توترات أثرت على أمن واستقرار الخليج بأسره، وصار من الضروري الآن تصحيح المسار والتطلع نحو التعاون والتفاهم.
زيارة الأمير تميم تأتي في سياق استضافة الاجتماع الثامن لمجلس التنسيق القطري-السعودي، الذي يُعقد في الرياض، ويهدف إلى استعراض الأعمال المشتركة والمبادرات التي من شأنها دفع العلاقات الثنائية قدماً. إن هذا الاجتماع يعكس رغبة حقيقية في تجاوز الخلافات، واستثمار القدرات المتبادلة لتعزيز المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية للمنطقة، بعد سنوات من التوترات التي أضرّت بمصالح الجميع.
يمكن القول إن تلك التحركات تعكس وعيًا لدى القيادتين السعودية والقطرية بأهمية الوحدة الخليجية، والعمل على استعادة ما يُسمى بوحدة الصف العربي والخليجي، خاصة وأن المنطقة اليوم أكثر احتياجًا للاستقرار والتنمية. إن إرساء علاقات مستقرة بين الخليج يُعد بمثابة أساس لسلام واستقرار أمني إقليمي، خاصة في ظل الأزمات التي تواجه المنطقة، من نزاعات إقليمية وتحديات اقتصادية.
ليس سرًا أن السياسات التي تبنتها المملكة في السابق، وقائمة على الإقصاء والضغط، أدت إلى نتائج عكسية، وأثرت على مسارات التعاون. لكن اليوم، يبدو أن هناك وعيًا بأهمية الحوار والصداقة، وأن التكتل والتآلف من شأنه أن يحقق مصلحة الجميع. فالسعودية وقطر، رغم الخلافات، ملتزمان بإيجاد حل يراعي مصالحهما المشتركة ويضمن استدامة التعاون المستقبلي.
ومن المهم أن تتواصل هذه الزيارات والاجتماعات، لتعكس رغبة حقيقية في بناء جسور جديدة من الثقة بين الأشقاء. فالدبلوماسية الحكيمة والإرادة الصادقة هي المفتاح لعبور تلك المرحلة، وتحقيق منافع جمة للسلم الإقليمي والتنمية الاقتصادية، في ظل تنوع التحديات التي تواجه الخليج والعالم من حوله.
ختامًا، إن عودة العلاقات بين قطر والسعودية إلى طبيعتها، والتفاهمات التي ستُتداول خلال اجتماعات مجلس التنسيق، من شأنها أن تضع المنطقة على مسار جديد نحو التعاون، وتعزز من مناعة الخليج أمام التحديات المستقبلية. فالسلام والتفاهم يتطلبان جهودًا جماعية ووعيًا مشتركًا، وهو ما يبدو أن القيادتين الخليجيتين تسعيان لتحقيقه اليوم. إن الوحدة الخليجية ليست مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجبة لضمان أمن واستقرار المنطقة، ولتأكيد أن الشعوب الخليجية تستحق أن تعيش في بيئة مليئة بالسلام والتنمية.
أضيف بتاريخ :2025/12/14










