التقارير

#تقرير_خاص: السعودية وتقويض حق الحياة في ظل تصاعد عقوبة الإعدام  

علي الزنادي

تشهد السعودية، خلال العام الجاري، تصعيدا غير مسبوق في تنفيذ أحكام الإعدام، حيث بلغت عدد الحالات المعلنة 340 حالة، محطما بذلك رقمها القياسي السنوي السابق والذي كان يُعد الأعلى. هذا التصاعد يؤشر على اتجاه مقلق يضم حلقة من التجاهل الصارخ للحقوق الإنسانية، خاصة حق الإنسان في الحياة، وسط انتقادات حقوقية واسعة تفسّر خطوات السلطات بأنها تجاوزات خطيرة تتعارض مع القوانين الدولية والمعايير الحقوقية.  

رغم التصريحات الرسمية التي تتحدث عن ضبط وتوجيه عمليات الإعدام، إلا أن المنظمات الحقوقية كثفت جهودها في توثيق الحقائق، وأشارت إلى أن عدد الإعدامات في العام الحالي قد يكون أعلى من الأرقام الرسمية، حيث قدرته بعض المنظمات بنحو 345 حالة، وهو ما يكشف وجود فجوة بين الرواية الرسمية والرصد الحقوقي المستقل. هذا الاختلاف يعكس مدى حجم الانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان في بلد يُعرف باستخدامه المفرط لعقوبة الإعدام، دون مراعاة المعايير الدولية.  

هناك قلق كبير يواجه تنفيذ هذه الأحكام، خاصة أن بعضها يصدر بعد محاكمات معيبة، تفتقر إلى المعايير القانونية الأساسية، وتُعتمد فيها انتزاع الاعترافات تحت التعذيب أو في ظل ظروف غير إنسانية، وهو انتهاك فاضح لحقوق المتهمين. بل ترافق العديد من هذه الأحكام إعدام أشخاص كانوا قاصرين وقت ارتكاب الجرائم، الأمر الذي يتعارض مع اتفاقيات حقوق الطفل، التي تمنع بشكل صارم تطبيق عقوبة الإعدام على من هم دون سن الثامنة عشرة.  

وفي سياق آخر، تظهر المعطيات أن الغالبية العظمى من حالات الإعدام تتعلق بقضايا المخدرات، تليها قضايا الإرهاب، وهو تصنيف يثير التساؤل حول مدى صحة تطبيق قوانين قاسية على معتقلين، كثير منهم يُعتقد أن تهمهم مفبركة أو تُلفق لأهداف سياسية، وليس لتحقيق العدالة. فالسعودية، من خلال ممارساتها، تبدو وكأنها تتبع سياسة الانتقام والفوضى أكثر من تطبيق القانون بشكل عادل ومتوازن.  

التقارير الدولية والحقوقية تشير إلى أن العديد من هذه الأحكام، وخاصة تلك بشأن القاصرين أو من ارتكبوا جرائم في سن مبكرة، تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي. على الرغم من تعهدات السلطات بالتقليل من إصدار أحكام الإعدام ضد الأطفال، إلا أن الوقائع تظهر استمرار تنفيذ تلك الأحكام، مما يضع علامة استفهام كبيرة على مدى جدية الالتزام بهذه التعهدات.  

موقف المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول والمنظمات الحقوقية، من تصاعد عمليات الإعدام، يجب أن يُترجم إلى خطوات ضغط فاعلة، تهدف إلى إنهاء انتهاكات حقوق الإنسان، وإلزام السلطات السعودية بالامتثال للمعايير الدولية، خاصة حظر إعدام الأطفال أو المعارضين السياسيين. فالسماح لمثل هذه العمليات أن تتصاعد يهدد سمعة المملكة كمركز للحداثة والتقدم، ويُضعف من مصداقية مساعيها في بناء منظومة قضائية عادلة ومستدامة.  

إن استمرار السعودية في تنفيذ أحكام الإعدام بهذه الصورة، رغم الانتقادات الدولية، يعكس تجاهلا صارخا للحقوق الأساسية، ويهدد بخلخلة مقومات العدالة، ويُشجع على المزيد من الانتهاكات. ينبغي على المجتمع الدولي أن يوقف هذا المسلسل من الانتهاكات، من خلال ممارسة ضغوط سياسية ودبلوماسية، تضمن احترام حقوق الإنسان وتطبيق العدالة بشكل مستقل وشفاف.

أضيف بتاريخ :2025/12/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد

فيسبوك

تويتر

استبيان