#تقرير_خاص: نظام الكفالة في السعودية.. استدامة الاستغلال وصورة مخادعة للإصلاحات
علي الزنادي
يظل نظام الكفالة في السعودية واحداً من أكثر السياسات إثارة للجدل والانتهاكات في سوق العمل، رغم محاولات السلطات ترويج الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تهدف إلى تحديث بيئة العمل. إذ إن الانتقادات الحقوقية، خاصة من منظمة القسط لحقوق الإنسان، تؤكد أن هذا النظام لا يزال فاعلاً ومهيمنًا، ويمثل عائقًا كبيرًا أمام حماية حقوق العمال الوافدين.
بحسب المنظمة، فإن التعديلات التي أعلنتها الرياض مؤخرًا لم تُحدث تغييرا جوهريًا في واقع العمال، فهي غالبًا ما تُعتبر تفسيرات سطحية لا تلامس جوهر المشكلة. فواقع العمال المستمر في مواجهة انتهاكات متكررة، من سرقة الأجور والعمل القسري، يعكس أن الإصلاحات النظرية لم تصل بعد إلى تطبيق فعلي يضمن حقوق هؤلاء الأفراد.
يُعطى نظام الكفالة لأصحاب العمل سلطات واسعة تمكنهم من السيطرة على حياة العمال، من تجديد أو إنهاء عقود العمل إلى مراقبة تنقلاتهم، وهو ما يوفر بيئة مواتية للاستغلال والظلم. هذا الوضع يقيّد حرية العمال بشكل يضارب مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، التي تحظر إعاقة حرية التنقل وفرض العمل القسري.
أبرزت منظمة القسط أن استمرار العمل بنظام الكفالة هو مؤشر فشل السياسات الحكومية في معالجة جذور الانتهاكات في سوق العمل السعودي. بدلاً من إصلاحات حقيقية تضمن الحقوق وتعزز العدالة، تكتفي السلطات غالبًا بإجراءات شكلية تُوَرِّث الصورة، دون معالجة الأسباب الأساسية لتكرر الانتهاكات.
كما أن غياب الحماية الصحية والسلامة المهنية يضع العمال في مواقف خطرة، خاصة في ظل ظروف العمل التي غالبًا ما تكون غير آمنة، مع عدم وجود آليات فعالة لمراقبة تطبيق معايير السلامة. هذا يتطلب وقفة جادة من الجهات المسؤولة لتوضيح مدى التزامها بحماية حقوق العمال، وليس فقط إصدار بيانات تبريرية.
وفي الوقت الذي تشير فيه بعض التدابير إلى نية المملكة في التحديث، يبقى الواقع على الأرض يدل على أن التغييرات الظاهرية ليست كافية. فالتحدي الأكبر هو في إلغاء نظام الكفالة أو إعادة صياغته بشكل يضمن استقلالية العمال وحقهم في التنقل والعمل بحرية، بعيدًا عن السيطرة المطلقة لأصحاب العمل.
إلا أن الأمر لا يقتصر على التعديلات القانونية فقط، بل يحتاج إلى تغييرات ثقافية وسياسية، تضع حقوق الإنسان في مقدمة الأولويات، وتشجع على تطبيق معايير العدالة والمساواة في سوق العمل. فإلا كانت الإصلاحات سطحية، فسيظل واقع الانتهاكات قائمًا، وسيظل الاستغلال هو السائد.
ختامًا، لا بد من موقف واضح وشفاف من الحكومة السعودية على أصعدة حقوق الإنسان والعمل. فمستقبل قضية العمال الوافدين مرهون بإصلاحات جذرية، تضمن احترام حقوقهم وتوفير بيئة عمل آمنة وكريمة، تتوافق مع المعايير الدولية، بدلاً من إجراءات تجميلية لا تلامس واقع المعاناة.
أضيف بتاريخ :2025/12/23










