إغلاق الدراز... دستورياً وحقوقياً

قاسم حسين ..
مع انطلاق العام الدراسي الجديد وبدء عودة الطلبة إلى المدارس، أصدر الاتحاد العام لنقابات البحرين بياناً يوم 29 أغسطس/ آب، ناشد فيه الحكومة للمبادرة بتسهيل عملية دخول وخروج الطلاب والعمال إلى منطقة الدراز التي تجاوز إغلاقها الشهرين.
أمس (الثلثاء)، نشرت «الوسط» إحصائيةً توضّح حجم الأضرار التي تلحق بالأهالي، بعد إغلاق 21 مدخلاً من أصل 23، وتأثير ذلك على المحلات التجارية الصغيرة والكبيرة، وما يرتبط ذلك بأرزاق الناس وأوضاعهم، في خمس مجمعات سكنية، تضم أربع مدارس حكومية، ابتدائية وإعدادية للبنين والبنات، ستفتح أبوابها خلال أيام.
قبل أسبوع، نظّمت جمعية «وعد» ندوة عن هذا الموضوع، بعنوان «إغلاق الدراز دستورياً وحقوقياً»، تحدّث في القسم الأول منها المحامي عيسى إبراهيم، وفي القسم الثاني أمين عام الجمعية رضي الموسوي.
المحامي إبراهيم استعرض جملةً من النصوص الواجب مراعاتها، بما يتسق مع حقوق الإنسان والقوانين التي أصبحت واجباً على الدولة، طبقاً للفكر الحقوقي في العالم المعاصر. من هذه الحقوق حرية التنقل وحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي، وغيرها من حقوق نصت عليها القوانين الدولية، وصولاً إلى حرية التنقل للوافدين، وسكنهم في مختلف مناطق البحرين، وبالتالي لا يجوز تقييدها بأي قيودٍ غير تلك التي ينصّ عليها القانون. إلى جانب أن منع غير القاطنين في منطقةٍ من دخولها، وخصوصاً من أبنائها كما هي في حالة الدراز، إجراءٌ يتنافى مع تلك المبادئ الحقوقية الأممية.
ويتساءل المحامي: هل ثمة ضرورة في واقع الدراز تستدعي مخالفة القانون والدستور، أو تعقيد حركة المواطنين وما يقال عن منع الصلاة؟ ويجيب: في تقديري لا توجد ضرورة تستدعي ذلك؛ لعدم وجود ظروف استثنائية. ويستدرك قائلاً: عموماً، ما يجري ليس معزولاً عمّا جرى في البلاد منذ فبراير 2011، وأثّر على مجمل الوضع السياسي، في ظل ظروف إقليمية متوترة، ما يتطلب إعادة النظر فيه على طريق تحقيق الدولة المدنية.
رضي الموسوي، تحدّث من زاويةٍ إنسانيةٍ أخرى، فهو من أبناء الدراز، ولكونه يعيش خارجها فإنه يعاني في وصوله لمنزل العائلة وعيادة أمه العجوز منذ عيد الفطر المبارك. وبدأ بالحديث عن مرور 66 يوماً على إغلاق المنطقة، والاقتصار على نقطتي عبور فقط، عند مدخل باربار المجاورة، وعند مدخل المدينة الشمالية، ما يتسبب في تعطيل مصالح المواطنين ومعاناتهم، واصطفافهم في طوابير طويلة، في ظل أجواء حارة ورطبة، بمن فيهم المرضى والموظفون والطلبة، وحتى زوار القرية لمناسبات العزاء أو الزواج، ما اضطر بعضهم لإقامتها في قرى أخرى.
الموسوي أشار إلى أن إغلاق الدراز جاء في أعقاب إجراءات مماثلة أخرى، بإغلاق جمعية «الوفاق» وتشميع مقراتها، ومنع مجموعة من الناشطين الحقوقيين من السفر للخارج. كل ذلك، على خلفية زيادة تأزم الأوضاع في الإقليم، من سورية والعراق واليمن، وصولاً إلى استمرار تهديدات «داعش» لجميع دول المنطقة، وتراجع الوضع الاقتصادي العام.
الموسوي ذكر تفاصيل أخرى عن قريته الأثيرة، التي تأسّست بداية القرن الرابع عشر الميلادي، وتضم مواقع أثرية كعين «أم السجور». ويسكنها اليوم أكثر من 15 ألف نسمة، وعمل أهلها في الزراعة والبحر، وبعد عصر النفط التحق الكثير منهم بشركة «بابكو»، وتخرّج من أبنائهم الكثير من الكوادر الوطنية، في قطاعات العلم والتجارة والطب والهندسة والتربية والعلوم الإنسانية، وساهموا مع إخوانهم المواطنين من مختلف المناطق، في عملية التنمية الوطنية الشاملة خلال العقود الماضية.
في استرجاعٍ قانوني للوضع الراهن، ذكر الموسوي بعض النصوص الدستورية، عن عدم جواز حبس أي مواطن أو تحديد إقامته أو حجزه إلا وفق القانون وتحت رقابة القضاء. كما ذكر بعض نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حول حرية كل فرد في التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود بلده. وأشار إلى أن تصوير المشكلة كأنها صراع طائفي وحصرها بقريةٍ أو منطقةٍ معينةٍ من الجغرافية البحرينية أمر غير صحيح.
أخيراً... أشار الموسوي إلى أن أهل الدراز يجب النظر إليهم كمواطنين، ينبغي إعطاؤهم حقوقهم الدستورية، وما يتطلبه ذلك من ضرورة إنهاء الحالة الراهنة.
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2016/08/31