آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله عبدالمحسن الفرج
عن الكاتب :
كاتب سعودي

مفهومان لحماية المستهلك


عبدالله عبدالمحسن الفرج ..

الشكوى من ارتفاع الأسعار لا تفارقنا، وهي تزداد الآن، لأن المبررات لم تعد موجودة أو إنها ضعيفة إلى درجة لا يمكن تصديقها، ففي الأسبوع الماضي تابعنا التقارير عن محاولات بعض المطورين العقاريين استباق تطبيق برنامج "إيجارات" برفع الأسعار في الوقت الذي يفترض فيه أن تتراجع، وهم ليس وحدهم فباعة اللحوم وأصحاب المطاعم يسيرون على نفس المنوال، ولم يتخلف عن ذلك حتى باعة التمور التي تواصل أسعارها الارتفاع، في حين أن السلع في المناسبات والمعارض والمهرجانات يفترض أن تنخفض.

وارتفاع الأسعار لها عدة أسباب، ومن ضمنها إخفاق جمعية حماية المستهلك في أداء مهامها، ففي مجتمعنا كما نعرف هناك شريحتين واسعتين مصالحهما مختلفة هما أصحاب رؤوس الأموال والمستهلكين، وإذا كانت الأولى قد تمكنت من تنظيم نفسها عندما أنشأت قبل 73 عاماً أول غرفة تجارية لحماية مصالحها في جدة وبعد ذلك بتسع سنوات في الشرقية وفي عام 1961 في الرياض فإن المستهلك قد بقي فترة طويلة دون جهة ترعاه، اللهم إذا استثنينا الدوائر الحكومية التي تعتبر جهات عامة وظيفتها حماية مصالح كافة فئات المجتمع.

وما زاد في تعقيد الأمور أن الغرف التجارية منذ ما لا يقل عن 15 عاماً بادرت بإنشاء هياكل إدارية لحماية المستهلك، وذلك قبل أن يبادر المتحمسون لإنشاء جمعية حماية المستهلك، ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش مفهومين لحماية المستهلك يختلفان عن بعضهما البعض تماماً.

وهذا الاختلاف مرده إلى أن إدارات حماية المستهلك في الغرف التجارية قد تم إنشاؤها بتوصية من التجار، وهؤلاء يهمهم الربح بالدرجة الأولى، ولذلك ولتعظيم هذه الأرباح صارت الإدارات المنشأة في الغرف تهتم بحماية المستهلك ومحاربة الغش التجاري، وهذه كلها مصطلحات تحمل تفسيرات ومعاني مختلفة، فما يهم الوكلاء التجاريون بالدرجة الأولى هو خلو السوق من البضائع التي تنافس البضائع التي هم وكلاء لها، ولذلك فهم يحاربون البضائع المقلدة ليس لأن الناس تتضرر منها بشكل رئيسي بل لأن تلك البضائع التي يقبل عليها الناس لرخصها تأخذ نصيب من الكعكة التي يريدونها لهم وحدهم، فالوكالات التجارية تطمح أن تكون السوق خالية من أي منافسة حتى وإن كانت بضاعة غير مغشوشة، ولذا انتشرت فيما مضى الوكالات الحصرية.

أما جمعية حماية المستهلك فإنها، في اختلافها عما تطرحه الغرف التجارية، تهتم بالدرجة الأولى بحماية المستهلك البسيط من تلاعب التجار وجشعهم، وضمن هذا الاهتمام فهي تحارب الاحتكار والمبالغة في الأسعار، ولهذا فإن مفهوم حماية المستهلك عند الجمعية، وحسب نظامها، يختلف عن المفهوم التي تطرحه إدارات حماية المستهلك في الغرف التجارية أو هكذا يفترض.

وعلى هذا الأساس فإن مؤسستي المجتمع المدني هاتين يفترض أن تكونا مستقلتين عن بعضهما البعض حتى تمارس كل منهما نشاطها لخدمة الأهداف التي أنشئتا من أجلها، وهي أهداف متناقضة ومتباعدة بشكل كبير، ولهذا فإن لجوء جمعية حماية المستهلك للغرف التجارية من أجل تمويل نشاطها كان من الأخطاء التي افقدتها المصداقية، وهذا بدوره أثر على الدور الذي يفترض أن تلعبه لحماية المستهلك من ارتفاع الأسعار غير المبرر وذلك على النحو الذي تمت الإشارة إليه في البداية.

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/08/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد