آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله عبدالمحسن الفرج
عن الكاتب :
كاتب سعودي

مكاسبنا وخسائرنا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

 

عبدالله عبدالمحسن الفرج ..

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي وضع على كفتي الميزان العديد من الأمور. فهناك قضايا كبرى سوف تتأثر إما بالموجب أو بالسالب جراء هذا التصويت الذي حير العالم. ولكن ميلان كفتي الميزان في هذا الاتجاه أو ذاك لن تتم فوراً. فالعديد من الأمور لن تظهر عليها علامات التغير في الوقت القريب لأنها ربما تحتاج إلى بعض الوقت حتى ترتسم عليها الملامح.

 

وأنا هنا لن أشير إلى العشرين سببا التي أوردتها صحيفة ديلي ميل عند شرحها لأسباب تصويت البريطانيين ضد البقاء في الاتحاد الأوربي. فهذه المبررات هي نفسها انعكاس للنظام العالمي الذي حاول أن يتشكل بعد الحرب الباردة. فالأهم هنا ليس فقط تلك الأسباب وإنما الدوافع التي حذت ببريطانيا إلى دخول الاتحاد الأوربي.

 

إن فك الارتباط بين بريطانيا وأوروبا لا يعكس فقط رغبة البريطانيين وإنما الأوروبيين الذين خاب ظنهم في اتحادهم. ولذلك فإن هذا الطلاق سوف يؤدي إلى تغييرات كبيرة سوف تطال العالم ومن ضمنه الشرق الأوسط. فبريطانيا والاتحاد الأوربي سوف يحرران نفسهما من الضغوط التي كان يفرضانها على بعضهما البعض. فالمملكة المتحدة بعد أن خلعت العباءة الأوروبية سوف تتوجه لاسترداد نفوذها في العالم. ولذلك فإن منطقتنا سوف تشهد على نفسها هذا الارتداد، ربما قبل غيرها، في ظل الابتعاد الأميركي إلى آسيا. وهذه العودة لن تكون فقط سياسية وإنما اقتصادية أيضاً. الأمر الذي يصب في مصلحتنا.

 

أما الاتحاد الأوروبي فإن خروج بريطانيا منه سيضعفه. ولذا فإنه سوف يعمل والحالة تلك على رص صفوفه وربما إقامة فيدرالية أوروبية. الأمر الذي كانت تعارضه بريطانيا على الدوام. وعلى هذا الأساس يمكن أن نتوقع على المستوى المتوسط والبعيد قيام جيش أوروبي وتقليل الاعتماد على الناتو. كما أن تشكيل أجهزة الأمن والقوانين الجنائية والنظام الضريبي لعموم دول الاتحاد سوف تأخذ مجراها. هذا بالإضافة إلى وزارة للمالية أو الميزانية الموحدة لكافة الأعضاء.

 

ولهذا فإن تفاؤل البعض بأن خروج بريطانيا سوف يصب في مصلحة العلاقة الخليجية الأوروبية أمر مبالغ فيه. فالصعوبات التي صرنا نواجهها مع الاتحاد الأوروبي، منذ إنشاء منطقة اليورو، ربما تزداد صعوبة إذا ما أقيمت الفيدرالية الأوروبية. فالتشدد الأوربي بدأت ملامحه. وتشكيك رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس يوم الأحد الماضي في إمكانية التوصل لاتفاق الشراكة التجارية الاقتصادية العابرة للمحيط الأطلسي يعني الكثير. فالجهود الأميركية لإقامة أكبر منطقة اقتصادية مع أوروبا خالية من الرسوم الجمركية يصل عدد المستهلكين فيها حوالي 820 مليونا ربما تنهار مثلها مثل العلاقة بين لندن وبروكسل.

 

من ناحية أخرى فإن هذا الوهن الذي أصاب الاتحاد الأوروبي ربما يعود بنا إلى بداية التسعينات من القرن المنصرم عندما توحدت أوروبا وتفكك الاتحاد السوفيتي. فما نشهده الآن هو صورة معاكسة لذلك. فالاتحاد الأوروبي يسير نحو الضعف، مثلما قال جورج سوروس، في الوقت الذي تعزز فيه روسيا تحالفاتها من خلال منظمة شنغهاي للتعاون وكذلك عبر دول المجموعة الاقتصادية الأوروآسيوية. وهذا ربما يعني عودة موسكو، في ظل الوهن الأوروبي، للعب الدور الذي كان يضطلع به الاتحاد السوفيتي.

 

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/07/02

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد