آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله عبدالمحسن الفرج
عن الكاتب :
كاتب سعودي

هل يمكن أن نقول على أوبك الرحمة؟


عبدالله عبدالمحسن الفرج ..

وأخيراً اتفق عملاقا النفط على التنسيق فيما بينهما. فالتفاهم بين المملكة وروسيا مهم جداً لاستقرار أسواق النفط. هذه الأسواق التي يصعب، حتى على المتخصصين فهم تطوراتها أحياناً. ولذلك فإن التغيرات التي تطرأ عليها كثيراً ما تكون مفاجئة نتيجة صعوبة التكهن بها. وهذا بدون شك يؤثر على القرارات ذات الصلة بالطاقة
.
وعلى ما يبدو لي فإن الدوامة التي دخلناها منذ نهاية عام 2014 كانت ضمن سيناريو لم يتحقق. فحسابات الأوبك عندما لم تُخَفِض الإنتاج حينها أدى إلى تراجع أسعار النفط. وهذا التراجع كان مقدرا له أن يعمل عمله خلال 6 إلى 9 أشهر. يبدأ بعدها الفائض بالتلاشي وتعود الأسعار إلى الارتفاع بعد أن يكون انخفاضها قد أدى إلى تقلص الإنتاج في البلدان مرتفعة التكاليف وإلى انكماش مصادر الطاقة البديلة المكلفة كالغاز الصخري. ولكن هذا لم يحدث لأن آلية السوق لم يكن لديها سلطان على قطاع النفط الذي تعود ملكيته للحكومات المنتتجة له. هذا بالإضافة إلى أن انخفاض أسعار الفائدة قد مول الغاز الصخري.

وبصفة عامة فإن الأوبك لطالما أخطأت وتأخرت كثيراً في اتخاذ العديد من القرارات. فالإجراء الذي اتخذته عام 2014 لو تم قبل 10 أو 15 عاماً لكانت نتائجه أفضل بكثير. فمصادر الطاقة البديلة قد استفادت من ارتفاع أسعار النفط منذ بداية الألفية الجديدة. فالأسعار الملتهبة قد ساهمت في تدفق الاستثمارات على مصادر الطاقة البديلة مثل الغاز الصخري وكذلك على المناطق التي يعتبر الإنتاج فيها مكلف جداً كالبحار. كما أن هذه الأسعار المرتفعة قد مولت شبكة الطاقة العنكبوتية لأنابيب الغاز الروسية إلى المناطق التقليدية للبلدان المصدرة للنفط وعلى رأس هذه البلدان الصين. فلو كان عند الأوبك مركز للأبحاث والدراسات يتم الاستماع إلى تقاريره لتوصلت الأوبك من زمان إلى أن أسعار النفط المرتفعة لا تخدم أعضاء هذه المنظمة.

ولذلك رأيناها عام 2014 وكما لو أنها تستفيق من غفلتها. ولكن وكما يقول المثل: بعد أن طارت للطيور بأرزاقها. فسياسة الأوبك هي من ساهم في تقليص حصة أعضائها في السوق وشجع رؤوس الأموال على البحث عن مصادر بديلة للنفط والتدفق على البلدان التي تكاليف الإنتاج فيها مرتفعة. فبلدان الأوبك وخاصة الخليجية التي لديها احتياطات ضخمة تكفي لعشرات السنين القادمة تضرها أسعار النفط المبالغ فيها. ففي عام 2005 مثلاً كان متوسط إنتاج الأوبك 33.8 مليون برميل في اليوم وحصتها 42% من إنتاج النفط في العالم. ولكن هذا الإنتاج رغم كل الارتفاع الذي طرأ عليه هذا العام وما ترتب على ذلك من تبعات لم يصل إلى أكثر من 32.8 مليون برميل في اليوم. فهناك حصة أخذها غيرها منها ولن يعيدها إليها.

ولذلك فإن الاتفاق مع روسيا العضو المراقب في الأوبك سوف يساهم، دون شك، في استقرار أسعار النفط إلى حد ما. ولكن حتى هذه الخطوة المتأخرة لن تكون بمثابة العصا السحرية. فمصادر الطاقة البديلة التي شجعت سياسة الأوبك على بعثها من العدم تنتظر لتطل برأسها مجدداً عندما تصل أسعار النفط إلى مستويات مجدية لمعاودة الإنتاج.

وكل عيد أضحى وأنتم أعزائي القراء بألف خير

جريدة الرياض

أضيف بتاريخ :2016/09/11

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد