آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
محمد أحمد الحساني
عن الكاتب :
كاتب صحفي في جريدة عكاظ

وهل يصلح الروشان ما أفسد الدهر !


محمد أحمد الحساني ..

تحافظ المدن العريقة في العالم على مبانيها القديمة حتى أنه لا يسمح لملاكها بإزالتها أو تغيير معالمها الخارجية، وإنما يسمح لهم بصيانتها وإجراء تعديلات من داخلها لزيادة عمرها ولكن الواجهة تظل معلماً سياحياً ووطنياً تحافظ عليه تلك المدن عشرات بل مئات السنوات.

وفي بلادنا كانت توجد في بعض المدن والمحافظات مبان قديمة ذات طابع معماري جميل مثل أن تكون مزينة بالأقواس والرواشين والآجر الملون، ولكن تلك المباني أزيلت عن بكرة أبيها لصالح بعض مشاريع التنمية، فتمت المناداة بإعادة بعض الأشكال الخارجية التي كانت تزين المباني القديمة عند إنشاء المباني الجديدة وليس في ذلك حفاظ على التراث أو التاريخ وإنما مجرد تقليد قد يكون متقناً وقد يكون غير متقن، وهو تقليد لا معنى له ولا قيمة من الناحية التاريخية، ومع ذلك استجاب أصحاب المباني الذين طلب منهم تزيين واجهات عماراتهم بالرواشين الخشبية المحاكية من حيث الشكل للرواشين القديمة، إلا أن حرائق حصلت في بعض العمارات ذات الرواشين الخشبية أدت إلى المطالبة باستخدام مادة غير قابلة للاحتراق من أسمنت ورخام ونحوه لتشكيل رواشين واجهات العمائر، ولكن أحد الإخوة أكد لي أن الدفاع المدني اعترض على الواجهات والرواشين الجديدة لصعوبة تحطيمها والتخلص منها عند نشوب حريق خاصة في حالة اكتظاظ العمارة بالحجاج والمعتمرين، وقبل أن يصل الجميع إلى حل مرض بدأت المناداة من جديد باستلهام التراث المعماري العربي والإسلامي عند بناء الأبراج والعمارات كشرط للحصول على تصريح الإنشاء، وكل ذلك يعد مضيعة للجهد والمال والوقت، ولا يؤدي إلى إعادة بناء ما هدم من مبان قديمة ولا يمكن أن يعد حفاظاً على التراث المعماري حسب المعايير الحضارية السائدة في العالم، ولذلك فلا بد من توصل الأمانات والبلديات إلى حلول منطقية فيما يخص الاشتراطات الفنية للمباني المراد إنشاؤها بحيث تعطي المبنى جمالاً وقيمة فنية دون الحاجة إلى ربط شكله الخارجي حديث الإنشاء بأشكال تراثية دون أن يكون المبنى نفسه مبنى تراثياً عمره عشرات أو مئات السنوات مع العمل على المحافظة على المباني القديمة ذات القيمة الأثرية في أي موقع من البلاد لا أن نفرط فيها بالإزالة ثم نتباكى على اللبن المسكوب!

صحيفة عكاظ

أضيف بتاريخ :2016/09/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد