آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
طلال القشقري
عن الكاتب :
كاتب سعودي في صحيفة المدينة

الإسكان من الفضاء !!


طلال القشقري

جلسْتُ أتأمّلُ الصورة الفضائية لمكّة المكرّمة، تلك التي نشرتها جريدة المدينة مؤخراً، والتقطها رائد الفضاء الأمريكي Scott Kelly من مركبة فضائية، ونشرها في تويتر ليُشارك المسلمين بها، وانتشرت في وسائل تواصلنا الاجتماعي!.

والصورة تُبيِّن الحرم المكّي الشريف وكأنّه زُمرّدة بيضاء في عنق جبال مكّة ورمالها، ولو كانت مكّة امرأةً لتغزّلْتُ بها كما قال الشاعر:

يا لابسةَ العِقْدِ والحِلْيةُ زُمرّدا.. قاعداً يُسامرُ الجبلَ!.

وحولك الأنوارُ تشعُّ وتسطعُ.. وحُسْنُكِ ماله مَثَلَ!.

كما تُبيِّن الصورة ضواحي مكّة وأطرافها، ويُلاحظ المرء ضخامة مساحات الأراضي الفضاء فيها، التي قد تكون أحد ٣ أحوال، إمّا أراضي بيضاء مملوكة لأناس أنانيّين قد احتكروها لعقود بلا استثمار ولا بناء، وإمّا أراضي مُتنازعاً على ملكيتها وما زالت معروضة على القضاء ولجان المساهمات العقارية في وزارة التجارة للبتّ في صكوكها ووثائق ملكيتها، وإمّا لا مشكلة فيها لكنّها معروضة للبيع بأغلى الأسعار التي لا يقدر على توفيرها المواطن العادي!.

والذي تمخّض عن هذه الأحوال هو أزمة الإسكان غير المحلولة، والتي حرمت كثيراً من المواطنين العاديين من امتلاك عقار لهم ولأهليهم وعيالهم!.

هذا عن مكّة، ولو أتحفنا Kelly بصور أخرى عن بقية مدننا للاحظنا المثل وكأنّها نسخة بالكربون، أي أراضٍ فضاء شاسعة في ضواحي المدن وأطرافها بمساحة مليارية من الأمتار المربّعة، ممّا لو أُديرت وخُدِمت وخُطّطَت ووُزِّعَت بشكل صحيح بعيد عن الأنانية والفساد لكان نصيب كلّ مواطن قطعة أرض كبيرة يستطيع فيها بناء، ليس مسكن واحد فقط، بل معه مزرعة واستراحة ومشروع تجاري يُدنِيه من مرتبة الأغنياء!.

تأمّل الصورة يا صاحبي المسئول، وإن كانت مشكلة الإسكان تُرى صغيرةً من الأرض لكنّها تُرى بحجمها الحقيقي ـ الكبير ـ من الفضاء، فالفضاء لا يكذب!.
 
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/06/10

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد