آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
علي آل غراش
عن الكاتب :
كاتب وإعلامي

#القائد_الثائر_وثورة_الخلود


علي آل غراش ..

الإمام الحسين - عليه السلام - ليس مجرد ثائر ضد الظلم والفساد والاستبداد، قد تم قتله وقتل أهل بيته وأصحابه بأبشع طريقة بفصل الرؤوس عن الأجساد وسبي نساء بنات خاتم الأنبياء (ص) في معركة كربلاء في يوم عاشوراء خلال ساعات قليلة من النهار؛ بل ما حدث ثورة خالدة ومجزرة مفجعة وبداية لمرحلة جديدة في تاريخ البشرية، هي امتداد للرسالات السماوية وتصحيح للانفلات والاعوجاج والتشويه والاستعباد للبشر باسم الدين والدين بريء من ذلك. جاء الإمام لتحرير العباد من قيود الحكام الظالمين بقوله: "كونوا أحرارا في دنياكم".

وبفضل تضحيات ودماء الإمام الحسين (ع) ضمن صفقة تجارية رابحة مع رب العالمين بعيدا عن المصالح الدنيوية والسياسية، فقد أكرمه الله - سبحانه وتعالى - ليكون سيد الشهداء، وأن ينال كل من سقط بين يديه مرتبة سادة وإمراء الشهداء والخلود، لأن الحسين أعطى نفسه وأبناءه وأهل بيته وأصحابه وكل ما يملك لمشروعه الثورة والإصلاح الشامل، ومن خلال ذلك أصبح الحسين الشهيد إيقونة العزة والكرامة والبطولة والإباء، في كل أرض ومكان في العالم وليس فقط في كربلاء، وفي كل يوم وزمان وليس فقط يوم عاشوراء.

نهضة الإمام الحسين (ع) مدرسة خالدة في بناء فكر الإنسان السليم الواعي والنبيل والشهم صاحب القيم السامية لخدمة الإنسانية، و بلا شك أن أسمى القيم هي التضحية وتقديم النفس الأغلى (مشروع الشهادة) في سبيل الحق وتشييد العدالة والحرية ونصرة المظلوم، وتحمل مسؤولية الإصلاح الشامل، كما أن ثورة الثائر الحسين لكافة البشر تتجاوز الأديان والمذاهب والعروق والألوان، والشهداء الذين سقطوا بين يدي الإمام الحسين يمثلون هذا التنوع البشري الذين اختلطت دماءهم على أرض كربلاء، وعاشوراء الحسين  نبراس وسلاح لكل الثوار والمظلومين في العالم، إنها ثورة عالمية ذات قيم سامية، ومع مرور الزمن تتجذر وتترسخ بفضل الدماء الزكية التي نزفت فالحسين استشهد ليبقى.

أراد الإمام الحسين (ع) من خلال ثورته إنقاذ رسالة السماء وإنقاذ الإنسانية وتقديم إنموذجا في العطاء والتضحية والشهادة، فالثورة والشهادة هي أهم ما تتميز به نهضة الإمام الحسين (ع)؛ ومن أجل ذلك يحاول أعداء رسالة سيد الشهداء الإمام الحسين الإنسانية والعالمية لقتل أهداف ثورته - عليه السلام – من خلال تغيير مسارها بعيدا عن قيم التضحية والثورة والشهادة، وجعلها مجرد مناسبة لإثارة الخلافات داخل مدرسة إحياء موسم عاشوراء الحسين وتحويله لموسم للاصطدام والفتن، أو جعله موسم فقط للبكاء على اسم الحسين أو عبر طرح مواضيع عامة ثقافية أو علمية وفكرية ولكنها مواضيع لا تتناول ولا تكرس فكر نهضة الإمام الحسين الأصيلة الثورة والتضحية والشهادة وصناعة الثوار على منهج وسيرة الإمام الشهيد. حيث أن الفكر الثوري الحسيني الذي يدعو للإصلاح ومقاومة الظلم والاستبداد والفساد وعشق الشهادة يمثل أكبر تهديد لمصالح الحكومات الظالمة ومن يسير في فلكهم.

وقد تم الكشف عن وثيقة للمساعد السابق لرئيس المخابرات الأمريكية الدكتور مايكل براندت عن اجتماع عقدته المخابرات الأميركية «CIA» عام 1983 مع المخابرات البريطانية «MIX» وجاء في التقرير عن كتاب بعنوان «مؤامرة التفريق بين الأديان الإلهية» ، وركزت الدراسة على قوة ثقافة (الشهادة) التي ترجع جذورها إلى حفيد نبي الإسلام الإمام الحسين (ع) قبل 1400 عام"، وهذه الثقافة تروج كل عام عبر العزاء الحسيني الممتد في الأعماق، ..وثقافة عاشوراء والاستشهاد، من المسائل المهمة التي يجب إن تحسب لها ألف حساب. ويقول: "ولذا صممنا على .. العبث بثقافة (الشهادة) والاستشهاد. ويضيف برانت : " .. أنه ينبغي تشويه صورة مواكب العزاء الحسيني والشعائر الحسينية والحط من مكانتها عبر اختراق مجالس العزاء وإرباكها وتصوير المراسم الحسينية على أنها ممارسات يقوم بها الجهلة والأوباش، وتهويل وإعطاء حجم كبير لما يتكلم به بعض الخطباء بأشياء غير مقبولة لإحداث البلابل والفوضى داخل الوسط الشيعي. على العموم هذه الوثيقة منشورة في كتاب بعنوان «مؤامرة التفريق javascript ; بين الأديان الإلهية». وقد نشر ذلك في جريدة الدار الكويتية.

العشق الحسيني يعني إتباع المعشوق والسير على منهجه، ومنهج سيد الشهداء الثائر الخالد الإمام الحسين قائم على العزة والكرامة والتضحية والثورة والدم، فالحسين مدرسة ومجالس عاشوراء فصول لتربية وصناعة أجيال تعشق الحق والحقيقة والحرية والكرامة والآباء والوفاء في كل مكان من العالم، وأن الوصول على أسمى رتب العشق والإتباع الحسيني، لا يتم إلا برفض الفساد والظلم بشكل واضح ومباشر وعدم التعاطي مع الطغاة الظالمين والملطخة أيديهم بقتل الأبرياء - ومنهم من كانوا يسيرون على منهج الحسين (ع) - بأي مبرر لحسابات سياسية وغيرها.
 
وقد حدد الإمام الحسين ع هدفه منذ بداية نهضته وثورته عند الخروج من المدينة المنورة قائلا:" أنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي محمد (ص) أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدُي مـحمد (ص) وسيرة أبي علي بن أبي طالب (ع)، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ علي هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين.

السلام عليك يا ريحانة رسول الله (ص)، يا مصباح الهدى، يا أبا الأحرار يا سيد الشهداء، أيها الثائر الخالد والقائد لثورة الخلود عاشورا، يا قدوة الثوار عبر العصور الإمام الحسين الشهيد عليه السلام.

أضيف بتاريخ :2017/10/01