آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
جهاد العيدان
عن الكاتب :
كاتب عراقي

طهران في عين العاصفة الأمريكية


جهاد العيدان

توقف المراقبون مليا أمام إعداد مسودة تشريع في مجلس الشيوخ الأميركي تضع شروطاً جديدة على الاتفاق النووي مع إيران، وتسائلوا عن أبعادها وتوقيتها ودوافعها رغم أن الإدارة الأمريكية لاتخفي عدائها السافر لإيران وثورتها الإسلامية إلا أن هذه المسودة وما تضمنته من شروط وبنود جديدة كانت محط سخرية هؤلاء المراقبين الذين رأوا فيها إفلاسا سياسيا واضحا لإدارة البيت الأبيض علاوة على أنها من وجهة نظر هؤلاء المراقبين تمثل تحركا مشبوها ومدانا ولايتفق مع جوهر الاتفاق النووي كما أنه بالمحصلة مسرحية هزلية جديدة في إطار الحرب النفسية والإعلامية .

إن طهران وبحكم معرفتها للإدارة الأمريكية تعتبر المصادقة على المسودة انتهاك صارخ للاتفاق وخروج عن التعهدات الدولية وهو يفتح أمامها خيارات عديدة للرد كما أكد قائد الثورة الإسلامية والمسؤولون في طهران .

 أما مسودة التشريع الجديدة فهي والحق يقال هواء في شبك كما أنها لاتقل هزالة عن تصريحات ترامب الوقحة ضد إيران حيث أن هذه المسودة تتضمن تهديدات بتشديد الحصار إذا اختبرت طهران صاروخاً باليستياً قادراً على حمل رأس حربي أو منعت المفتشين النوويين من دخول أي موقع والإدارة الأمريكية تدرك قبل غيرها أن إيران ليست في وارد الصناعات النووية العسكرية كما أنها التزمت بالاتفاق النووي ولم تمنع زيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية .

ويأتي هذا التحرك التشريعي عقب رفض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التصديق على التزام إيران بالاتفاق المبرم مع القوى العالمية الكبرى.

وقال منتقدون للتشريع الذي صاغه عضوا المجلس الجمهوريان بوب كوركر وتوم كوتون بدعم من إدارة ترمب إنه قد يجعل الولايات المتحدة في حالة انتهاك للاتفاق الدولي إذا ما جرى إقراره.كما أنه سيزيد من عزلة الولايات المتحدة في ظل الرفض الأوربي للإجراءات الأمريكية هذه التي يرون فيها أنها تحدث خلافا معهم سيما وأنهم يرفضون أي خروج عن الاتفاق النووي مع إيران .

في هذا الوقت وضع الإمام الخامنئي النقاط على الحروف عندما أكد أنّ القدراتِ الدفاعيةَ للبلاد أمرٌ غيرُ قابلٍ للتفاوض ولا يمكنُ أنْ تخضعَ للصَفَقات. وقالَ سماحته خلالَ مراسمِ تخريجِ دورةٍ من ضباطِ الجيش إنّ الاستكبارَ العالمي يَعتبرُ اقتدارَ إيران على الصعيدِ الإقليمي عاملاً مُعرقِلاً له، وهو ما دَفعَهُ لمحاربتهِ. وشددَ آيةُ الله خامنئي على أهميةِ الأمن، معتبراً تحقيقَ أيِ تقدمٍ مرهوناً به.

فإيران تدرك أن واشنطن تتجه إلى قضية إعادة المفاوضات النووية من أجل تمرير أجندتها ومنها التفاوض حول الصواريخ الباليستية ودور إيران في المنطقة وهي قضايا داخلية مرتبطة بالأمن القومي للبلاد ولايمكن التفريط بها بأي حال من الأحوال كما أن إيران تدرك أن أمريكا التي انقلبت على الاتفاق ستنقلب مجددا على أي اتفاق جديد وهكذا تسير الأمور باتجاهات لايمكن التكهن بنتائجها فيما لو قبلت إيران بهذا المنطق الأمريكي .

طهران ترى أن أمريكا غير جادة في أي اتفاق توقعه مع الآخرين فهي تجير الاتفاقيات لصالحها فقط دون أدنى اهتمام بما تفرضه تلك الاتفاقيات عليها وهاهي الاتفاقية الأمنية مع العراق لم تنفذ في مواجهة داعش أو في مواجهة تمرد الكرد على الدستور العراقي بل كانت مجرد سوط يجلد ظهور العراقيين .

إيران تدرك السياسة الأمريكية أكثر من أي بلد أخر وهي التي وصفتها بالشيطان الأكبر وهي التي تعرضت لأكثر من عدوان أمريكي مباشر وغير مباشر وهي التي تعرضت للإرهاب منذ بداية انتصار ثورتها وقدمت قوافل كبيرة من الشهداء والجرحى والمعوقين .

واليوم عندما تتحدث واشنطن عن إعادة التفاوض حول الاتفاق النووي إنما تحاول الالتفاف حول الاتفاق وتفريغه من جوهرة واستدراج الآخرين إلى هذا الفخ المقيت.

فيما تفهم طهران هذه اللعبة الأمريكية الجديدة التي هي محاولة لاسترضاء كيان الاحتلال الصهيوني ومحاولة لاستحلاب دول مجلس التعاون في منطقة الخليج بمزاعم محاصرة إيران والتضييق عليها فيما تدرك واشنطن جيدا أن إيران التي انفلتت من كل أشكال الحصار السابق وانتصرت عليها ستكون اليوم أقدر على مواجهة هذه الإجراءات التي هي في سبيلها إلى الفشل والخسران .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/10/28

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد