آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إبراهيم شير
عن الكاتب :
صحفي وإعلامي سوري

الرقة تدمير أم تحرير؟ وما هو دور قوات “سوريا الديمقراطية”؟


 إبراهيم شير

عندما كنت اقرأ بكتب التاريخ عن مدينة ت سلمان مكي القلافم مسحها عن وجه الأرض أو أخرى تم تغيير وجهها الديمغرافي كنت أتصور أن هذا حدث في الزمان الغابر ولن يتكرر بسبب التطور العلمي والثقافي والمجتمعي، ولكن بعد أن شاهدت ما حدث بمدينة الرقة تأكدت بأن التاريخ يعيد نفسه ولن يفصل عن الحاضر والمستقبل مهما تطورنا.

لنتكلم أولا في الجغرافيا السورية، الرقة مثلا وريفها ليست مدنا ذات غالبية كردية أبدا، ليست مثل الحسكة أو عفرين، إذا ما المبرر بدخولها مدمرة ولو لتحريرها من إرهابيي “داعش”؟ لماذا لم تحاصرها “قوات سوريا الديمقراطية” مع الدولة السورية وتجبر الإرهابيين على الخروج منها دون تدمير؟ لماذا تسابقت مع الدولة السورية على الطبقة والرقة وقطعت الطريق ضد الجيش السوري وتقدمه في المحافظة؟ إذا كانت فعلا وطنية وليس لها أهداف خاصة وتنفذ أجندات واشنطن في سوريا.

بعد تدمير الرقة بأكثر من 4 ألاف غارة أميركية ومقتل وجرح ألاف المدنيين، خرجت “داعش” باتفاق تسوية مع أميركا كانت قد رفضت مثيله قبل أشهر قليلة أبرمه حزب الله مع “داعش” في جرود رأس بعلبك اللبنانية، ولكن الفرق هنا أن من خرج من الرقة هم أكثر الإرهابيين قوة، على عكس من خرج من لبنان حيث أن غالبيتهم نساء وأطفال.

وبعد استتباب الأمن في الرقة وأحكام السيطرة عليها، رفعت صورة القيادي الكردي عبد الله أوجلان، وذلك أمر كشف عن نوايا “قوات سوريا الديمقراطية” وهدفها من التقدم داخل الأراضي السورية وعدم بقاءها ضمن الأراضي ذات الأغلبية الكردية والدفاع عنها بوجه الإرهابيين، وهو ما كانت تأمله الدولة السورية من الأكراد في الحسكة، حيث أنها سلت النواة الأولى لهم وفتحت لهم مخازن الأسلحة وكانوا يعرفون باسم وحدات حماية الشعب الكردي، ومدتهم بكل أشكال العون خلال معركتهم في مدينة عين العرب ضد إرهابيي “داعش”، ولكن بعد أن تدخل الأميركي على الخط تم تغيير هدفهم وأعطاهم وهماً بإنشاء دولة أو فيدرالية واستغلال تشتت القوات السورية على خريطة البلاد خلال حربها ضد الجماعات الإرهابية.

بالعودة إلى الرقة فالمعلومات الواردة من هناك تؤكد وجود خطة لتكريد المدينة وتغييرها وجهها إلى وجه كردي، حيث يعرض على اللاجئين في المخيمات داخل محافظة الحسكة، بيع منازلهم لـ”قوات سوريا الديمقراطية” سواء بالترغيب أو الترهيب، وهو أمر بات يثير الخوف في قلوب الكثير من أهالي الرقة وهو ما دفعهم للخروج بتظاهرات يطالبون فيها بحقهم الشرعي وهو العودة لمنازلهم، وقوبلت التظاهرة بالرصاص.

“قوات سوريا الديمقراطية” واصلت تقدمها في الأراضي السورية وفي محافظة دير الزور باتجاه الحدود العراقية، وهذا التقدم سيكتب نهايتها بالفعل، فلا عددها ولا عدتها تسمح لها بالبقاء في مناطق لا تمتلك فيها الحاضنة الشعبية، بالإضافة إلى أن دمشق وضعت ملف الأكراد الأول بعد القضاء على “داعش”، وربما هذا الملف سيكون أكثر أهمية من ملف “النصرة” في إدلب، وربما الاشتباك بين الطرفين مرجح بأي وقت، خصوصا وان الدولة السورية لاتزال تحتفظ بنقطتين مهمتين داخل محافظة الحسكة، الأولى في المدينة نفسها والثانية في مدينة القامشلي، وربما تبدأ شرارة المعارك بين الجانبين من هناك.

ولكن السؤال هل كانت الدولة السورية عاجزة عن تحرير الرقة؟ بالتأكيد لا ولكن دمشق لم تسع لتدمير المدينة وجعلها مدينة منسية، وإيقاع ألاف الشهداء والجرحى بصفوف المدنيين، ولكن “قوات سوريا الديمقراطية” لاتمانع في التدمير مقابل السيطرة، وهنا يظهر لنا الفرق بين الدولة والمسلحين.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/10/29

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد