آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
إبراهيم شير
عن الكاتب :
صحفي وإعلامي سوري

الصوفية والوهابية.. صراع أكبر من سيناء


إبراهيم شير

تفجير مسجد بئر العبد في العريش بسيناء شمالي مصر، أعاد للأذهان الصراع بين أبناء المدارس المختلفة في المذهب السني، فالتفجير قامت به جماعة داعش الإرهابية، والتي تتخذ من الوهابية عقيدة وفكرا وتنظيرا وتشريعا، والوهابية هي الامتداد والوريث الشرعي للمذهب الحنبلي. أما الصوفية هي فرع من فروع الأشاعرة. الصوفيون هم مؤمنون ينبذون العنف والإرهاب والتطرف وهم من المحبين لآل البيت عليهم السلام وهو ما يجعلهم على صدام مباشر مع الحركات المتطرفة. وعلى مدار التاريخ ينظر إلى الصوفي على أنه الشخص المتدين الذي يتطلع لأن يكون قريبا من الله. وتنتشر الصوفية بشكل كبير في السودان ومصر وسيناء وغالبية الشعب المصري من الصوفيين وذلك بحكم التقارب الواضح بين المذهب الشافعي والأفكار الصوفية.

بين الصوفية والوهابية يوجد خلاف عقائدي وجوهري مهم، حيث أن الصوفيين يؤكدون على ضرورة تعلم المعرفة الإسلامية من المعلمين والتفكر بها وليس من الكتب والنقل الحرفي الظاهري فقط كما تعتقد الوهابية. وهو ما جعلهم على صدام مباشر معها وكثر هم علماء المذهب الوهابي أو المنظرين له قبل أن يبدأ من أبناء المدرسة الحنبلية مثل ابن تيمية وابن قيم الجوزية وابن كثير، ومن ثم محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية وابن عثيمين والمفتي السعودي السابق عبد العزيز بن باز، والمفتي الحالي عبد العزيز آل الشيخ.

الخلاف بين الوهابية والصوفية بلغ أشده قبل أكثر من ثلاثة قرون أي عند تأسيس الدولة السعودية الأولى في عام 1744 بقيادة محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب، وأخذت بالتوسع في الجزيرة العربية، وخلال توسعها قامت بمجازر مروعة بحق أبناء الطرق الصوفية التي كانت منتشرة في تلك المنطقة، وكانوا يسمونهم بالكفار ويسبون النساء ويأخذون الأموال كغنائم وذلك بحسب كتاب تلك المرحلة مثل عبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتي. وبعد نحو أربع وسبعين عاما قامت الدولة العثمانية والتي تتخذ من الفكر الأشاعري الصوفي مذهبا للدولة قامت بحملة ضد الوهابية في الجزيرة العربية بقيادة محمد علي باشا وابنه إبراهيم باشا، وقاموا بالقضاء عليها وتدمير عاصمتها الدرعية، ومن هنا بدأت الصراعات بين أبناء المدرستين. والصوفيون لهم دور في رسم التاريخ والفكر الإسلامي وساهموا في نشر الإسلام بالمناطق البعيدة وخاصة في أفريقيا والهند والشرق الأقصى.

هذه الأمور جعلت أتباع الطريقة الصوفية على رأس أهداف الوهابية، في الوقت الحالي، وخلال السنوات العشر الأخيرة باتت تجمعات الصوفية عرضة للهجمات الإرهابية بشكل مركز، وخاصة في باكستان وإندونيسيا والعراق وأفغانستان، وذلك بفعل انتشار الفكر الوهابي والجماعات التي تتخذ من الوهابية عقيدة وفكرا وتنظيرا وتشريعا وفي مقدمتها داعش والقاعدة وأنصار بيت المقدس. وقامت الجماعات الإرهابية في التاسع عشر من تشرين الثاني – نوفمبر من العام الماضي بخطف أحد كبار مشايخ الطرق الصوفية وهو سليمان أبو حراز البالغ من العمر ثمانية وتسعين عاما وقتله. وأخر الأحداث تفجير مسجد بئر السبع في سيناء.

الملفت بعد الهجوم هي تصريح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن مصر تواجه الإرهاب منفردة نيابة عن العالم، وكأن سوريا والعراق يواجهان كائنات فضائية وليس نفس الإرهاب هذا وقد كان منذ سبع سنوات، حيث أن الوهابية دمرت الأضرحة والمقامات الدينية منها السنية والشيعية والعلوية والكنائس المسيحية في كلا البلدين، وفتك الإرهابُ في البلدين فتكا، في وقت نأت معظم الدول العربية عن نفسها في نصرة الشعب السوري، ولكن لم تنأ في إرسال الإرهابيين إلى البلدين.

أحداث مصر تؤكد مرة أخرى أن الجماعات الإرهابية تستهدف المسلمين من جميع الطوائف والفرق ولا تستثني أحدا، وتعمل على طريقة من ليس معنا فهو علينا، ما يجعل الإسلام في خطر دائم من قبل الإرهابيين.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2017/11/27

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد