آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
بسام أبو شريف
عن الكاتب :
أحد المستشارين السابقين للراحل ياسر عرفات . وهو من مؤسسين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . صاحب وثيقة أبو شريف حول السلام .

ترامب يسدد فواتير دخول البيت الأبيض وعلى القوى القومية والثورية المقاومة أن تضطره لدفع فواتير الخروج منه

 

بسام أبو شريف

أسقط دونالد ترامب ما تبقى من مصداقية للولايات المتحدة، وكشف الأمور على حقيقتها فباتت الولايات المتحدة كمجموعة دول لا تحترم الدستور الذي جمعها، ولا تلتزم بتعهد قطعته على نفسها تقودها مجموعة من اللصوص أو رجال العصابات الذين ينهبون الشعب الأمريكي وشعوب الأرض، ويوظفون جزء من المال المنهوب من البشر لتطوير أدوات القهر والدمار والابتزاز لحلفائهم قبل أعدائهم.

أظهر ترامب أن ”البلاد الجديدة”، والحلم الأمريكي ليست سوى أرض أباد اللصوص الأوروبيون تحت علم الاستعمار القديم أهل الأرض وأصحابها، وأقاموا تحالف النهب وشراء العقول واقامة المؤسسات للتحكم بالأسواق، وصكوا كذبة الدولار الأمريكي ليتحكموا بالعالم أكثر.

وتحولت عصابات المافيات منذ الحرب العالمية الأولى إلى احتكارات تستغل الحليف وغير الحليف على السواء. وقامت الاحتكارات ببناء ترسانات القوة لتفرض استعمارها الجديد على العالم جنبا إلى جنب مع الاستعمار القديم.

وبعد الحرب العالمية الثانية رسمت الاحتكارات خططها للهيمنة على العالم في ظل شعارات براقة مثل الحرية والديمقراطية، وأبرزت سياسيا الوجوه التي تريدها لخدمة مصالحها الاحتكارية، ووجدت الصهيونية في هذه الغابة فرصتها للتغلغل والسيطرة.

وطمس الصهاينة ما كان ينبه منه الرئيس فرانكلين من خطر الصهاينة الذين يعملون للسيطرة على الولايات المتحدة الأمريكية، وقاموا باكراه الحكومة على إزالة تماثيل مريم العذراء والمسيح من كل ساحات المدن والبلدات الأمريكية، وراح الصهاينة يتغلغلون باكنائس ويخترعون مدارس دينية جديدة لتحويل الكنيسة وأتباعها إلى جيش جديد للصهاينة.

وتتحكم الصهيونية الآن بالمؤسسة الكنسية الناشطة سياسيا (جيري فولويل وغيره)، ومع بداية القرن الواحد والعشرين أنضجت الصهيونية من خلال سيطرتها على نادي المال ”الذي يديره روتشيلد”، الظروف للسيطرة المباشرة على القرار الأمريكي، وفتحت أبواب البيت الأبيض لعميلها وأحد نشطائها دونالد ترامب.

الأغلبية تظن أن دونالد ترامب ملياردير نتيجة لنجاحه في العمل العقاري، لكن الحقيقة هي غير ذلك، فتاريخ ترامب يدل دلالة واضحة على عكس ذلك، دونالد ترامب قاد شركة أبيه العقارية نحو الافلاس وفشل في كل مشروع دخله أو قاده ، والمشروع الوحيد الذي ربما نال نجاحا هو ذلك الذي تعامل فيه مع النساء الجميلات، وذلك لانتخاب ملكة جمال الولايات المتحدة، وبرز اسمه كشاب مغامر في نيويورك، واتصل به ”قادة” شمال نيويورك، وعرف لدى أهالي المدينة أن كلمة شمال نيويورك تعني أغنياء اليهود النيويوركيين، والذين يسيطرون على السوق العقارية اجمالا.

أن الأيام ستثبت أنه الأكثر ولاء ووفاء لإسرائيل، وبدأ ولاءه بالتعامل مع كامل أرض فلسطين على أنها إسرائيل، وألغى تعبير الأراضي المحتلة، وأعلن منح القدس لإسرائيل لتكون عاصمتها، وألغى حق العودة بالعمل على تدمير الاونروا، وأغلق مكتب م.ت .ف، وشطب حدود 1967 ملغيا بذلك كل القرارات الدولية التي ترتبط بحدود 1967، وراح يبحث عن حلول في صحراء مصر لأهل غزة وللتوطين القسري للاجئين في الدول العربية المحيطة، وبدأ فورا في العمل على تنفيذ الوعد الأكبر، وهو تمكين إسرائيل من الهيمنة والسيطرة على الشرق الأوسط وثرواته وعلى ممراته المائية وتحويل البلدان العربية عبر حكامها إلى أسواق مغلقة لإسرائيل ومزارع أبقار وغنم لها، ومد إسرائيل بكل ما يلزمها للتغلغل، وممارسة الإرهاب لإخضاع دول المغرب العربي للهيمنة الإسرائيلية، وأول دول المغرب الراضخة تحت الاذلال الإسرائيلي هي المغرب التي يشكل شعبها جمهورا قوميا داعما ومشاركا للشعب الفلسطيني في معركته لتحرير فلسطين، ونرى الجزائر تختار الابتعاد حتى لا تغضب الولايات المتحدة وإسرائيل، ونرى ليبيا وقد غطست في معاركها، ونرى مصر العظيمة بشعبها وجيشها تركع عبر حكامها لمشيئة الصهيوني ترامب وشريكه محمد بن سلمان وشريكه الآخر نتنياهو.

و يهيئ ترامب الآن المسرح لحرب ضد إيران لأنها مازالت تشكل القوة التحررية التي تدعم الشعوب المظلومة، وتعمل لحماية مقدسات المسلمين خاصة أولى القبلتين ”القدس الشريف”، مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، ومهد المسيح عليه السلام، يريد ترامب ضرب إيران لأن إسرائيل تريد ذلك، وليس لأن مصلحة الولايات المتحدة تقتضي ذلك، يريد ضرب إيران لإرضاء محمد بن سلمان الذي يدفع له المال.

لكن السؤال يبقى هل تكمن مصلحة الولايات المتحدة في الابتعاد عن الموقف الأوروبي، وأوروبا هي الحليف الأوثق للولايات المتحدة ”إرضاء لإسرائيل ولمحمد بن سلمان” ؟؟؟؟
يريد ترامب أن يضرب عصفورين بحجر واحد، فقد اتفق مع ماكرون على الصيغة فترامب يعلن انسحابه من الاتفاق، ويعطي أوروبا فرصة ستة أشهر لجلب إيران لطاولة المفاوضات، واتفق ترامب مع ماكرون أن تعلن الدول الحليفة الثلاث انجلترا والمانيا وفرنسا التزامها بالاتفاق شريطة أن يرتبط بذلك التفاوض على اتفاق أشمل يتضمن الاتفاق النووي الحالي، ويضاف له أو يوضع في إطار اتفاق أوسع يشمل أولا وقبل كل شيء (وقف الدعم للفلسطينيين والإرهاب، وعدم معاداة إسرائيل).

وتعتبر أوروبا هذا الآن مقبولا رغم إعلانها أكثر من مرة أنها متمسكة بحل الدولتين، لكن مصالحها سوف تسهل عليها قبول هذا الأمر في ظل تهديد ترامب بمعاقبة الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران.

أما العامل الذي لا يخضع الا لقرار إسرائيل فهو شن الحرب أو المعارك ضد أي وجود إيراني على الأرض السورية، فنتنياهو يعتبر الانسحاب الأمريكي فرصة لإسرائيل لاستخدام أقوى أسلحة لديها لضرب المواقع التي يتمركز فيها إيرانيون على الأرض السورية، وهذا سيعني أيضا تدمير ما يمكن تدميره من مواقع الجيش العربي السوري والمقاومة.

أنها فرصة نتنياهو لينهي المقاومة، هكذا يظن ويخطط بنيامين نتنياهو، وسيتوجه لموسكو لبحث هذا الأمر مع روسيا لتحييد روسيا و خداعها، لكن هذا الأمر لن ينطلي على روسيا.

والإيرانيون ليسوا في غفلة من الأمر، والمقاومة تعلم ما يخطط له نتنياهو، ولذلك فان مغامرة نتنياهو تشكل فرصة لرد الصاع صاعين، والحاق الهزيمة بإسرائيل، وهزيمة إسرائيل سوف تعني تلقائيا انهيار كل مخطط ترامب الصهيوني وشريكه محمد بن سلمان وكل من سار في الفلك.

لقد بلغ السيل الزبى، ولم يعد الكلام يسمع بمصداقية، فالشعب والجيش والمقاومة يريدون أن يروا طعانا وليس صوتا.

مرة أخرى، نقول أن أضعف الجهات هي جبهة إسرائيل الداخلية وسلاحها القوي ليصبح بلا فائدة عندما نقاتل على الأرض المحتلة وليس خارجها.

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2018/05/13

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد