آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
مايا التلاوي
عن الكاتب :
كاتبة وباحثة سياسية

أنقرة واسطنبول تحجُبان الثقة عن الرئيس رجب طيب أردوغان.. رياحُ الانتخابات التركية أتت بما لا تشتهي سفنُ الرئيس الغريق

 

مايا التلاوي

بعد سبعة عشرة عام من إحكامِ السيطرةِ على بلديتي العاصمة أنقرة وأكبر المدن التركية من حيث تعداد السكان اسطنبول يخسرُ حزبُ العدالةِ والتنمية الحاكم لصالح تحالف الشعب المُعارض .

سقوطٌ مدويٍ في انتخابات خدمية هيمنت عليها السياسة خسر فيها الرئيس التركي أردوغان أهم معاقله وسط تراجعٍ ملحوظ في أداء حزبه العدالة والتنمية في أول انتخاباتٍ محلية تُجرى في ظل النظام الرئاسي .

تحملَ أردوغان عبء الدعاية الانتخابية بنفسه الدفع بأفضل مالدى حزبه من مُرشحين وافتتاح مشاريع ضخمةٍ في الأيام الأخيرة ماقبل الانتخابات لم يحولا دون تراجع أداء الحزب وسقوط شعبيته مقابل صعودٍ  واضحٍ  لاستراتيجية تحالف المعارضة الذي وجد في هذه الانتخابات فرصةً تاريخيةً لتغيير معادلة النفوذ مستفيداً من أخطاءٍ قاتلةٍ  ارتكبها حزب العدالة والتنمية .
دعمُ الكرد الممثلين في حزب الشعوب الديمقراطي لتحالف المعارضة ضمن اتفاقٍ غير مُعلن يبدو أنه شكلَ بيضة القبان في حسم نتائج أنقرة واسطنبول التي لم تكن مُفاجئة .

وجهان لأزمة واحدة : في سياق ماقامت به تركيا خلال السنوات الماضية والدعم المُباشر للمجموعات المُسلحة في الشمال السوري وتقديم الدعم اللوجستي لها كانت المُفاجئة

وصف أردوغان مايجري في سورية من فوضى حرب ودمار أنها ثورةُ مطالب يحتاجها الشعب وأعطى إشارة البدء في بناء مخيمات لجوء على الحدود السورية التركية قبيل بدء الأزمة بثلاثة أشهر لتكون مسرح الأحداث المُقبلة وانهال على الشاشاتِ  بخطاباتٍ تحملُ في طياتها التعاطف مع مُقاتلي  (المعارضة المعتدلة )  والوقوف إلى جانبهم خافياً أحقاده تُجاه بلدٍ جارٍ وصديق .

دخوله على خط الأزمة السورية ودعمهِ للمجموعات المُسلحة أوجد له مُعارضة ناعمة نددت بسياسته تجاه سورية وطالبت بوقف الدعم مباشرة لكن دون جدوى
مواجهة مع أمريكا والرابح روسيا
عندما تقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وفتح باب المفاوضات من أجل الشمال السوري والحرب على الإرهاب وقضية اللاجئين الذين كانوا أداة التهديد في وجه الدول الأوروبية كانت المُبارزة

احتشد الإعلام وكاميرات البث المُباشر على أبواب مقرات المؤتمرات والاجتماعات تنقل اجتماعات التركي والروسي والإيراني لإيجاد صيغة مشتركة للحل في إدلب فكانت بداية نهاية الرجل التركي ،صبت أمريكا جام غضبها عليه وطلبت منه المراوغة وإطالة أمد الأزمة فكان لها ذلك

وبعد فترة طالبت أنقرة روسيا توقيع اتفاقية شراء منظومة دفاع جوي روسية الصنع عملت أمريكا على إلغاء الصفقة لكن دون جدوى فكان ثمن سحب البساط الأمريكي لصالح روسيا غالياً ودفعه في الانتخابات لأن أمريكا لا تنسى ماتُدونه في دفتر العقوبات والرئيس الأمريكي الحالي لم يعد يُفرق بين الحليف والعدو بنظره كلهم عبيد أمام سيّد البيت الأبيض .

بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضها دونالد ترامب على النظام التركي والتي كان لها اليد الطولى بما حدث من انتكاسة في الانتخابات سببها السياسة الأمريكية تُجاه أردوغان وحزبه لما كان لها من آثار سلبية على العملة المحلية والأوضاع الاقتصادية

أردوغان أمام أزمة كبيرة وخلطٍ للأوراق هل يُعيد ترتيبها من جديد ؟
أمام أردوغان أمران وأحلاهما مرّ بالنسبة له لما لهما من تداعيات غير محسومة النتائج

الأول إعادة العلاقات مع سورية والتقرب من روسيا وفتح باب العلاقات من جديد ضمن اتفاق أضنة بين دمشق وأنقرة برعاية روسية في الشمال والدفع بعملية عسكرية تنهي التواجد المُسلح للجماعات المتطرفة التي يدعمها .
أما الثاني سيكون الانخراط أكثر ضمن أجندات أمريكا في المنطقة ومساهمته في تعقيد المشهد في الشمال السوري وبالتالي ستكون النتائج غير مُرضية له وللقارة العجوز من تحمل عبء اللاجئين وأعداد من المسلحين الذين سيدخلون تركيا وينخرطون في المجتمع
لن استبقَ الأحداث لكني أعتقد أن أردوغان سوف يعتمد سياسة أكثر هدوءاً في تعاطيه مع ملفات المنطقة وقد نراه قريباً في مطار دمشق طالباً العفو مُقدماً حزمة تنازلات للروسي والسوري .

صحيفة رأي اليوم

أضيف بتاريخ :2019/04/03

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد