آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
د. محمد صادق الحسيني
عن الكاتب :
كاتب وباحث إيراني

ثلاثي الشرق يتقدّم شمالاً وأميركا تترنّح جنوباً…!

 

محمد صادق الحسيني
 
مع كلّ دورة لعقارب الساعة يتحرّك مركز ثقل العالم رويداً رويداً من الغرب الى الشرق…!
وإيران التي ظنّ الغرب أنه من خلال ممارسة أقصى الضغوط عليها قادر على تغيير سلوكها، قد تحوّلت بقدرة قادر الى دولة عظمى توازي جيرانها من الدول النوويّة وإن من دون سلاح نووي..
وما خطط له الغرب يوماً انّ بإمكانه من خلال نفاياته البشرية التكفيرية أن يسقط سورية الأسد ليرتع في سواحل شرق المتوسط فإنّ ما تبقى له هو حلم فرنسي بقطعة كرواسان في لبنان هذا إن نجحت مبادرة الخائب ماكرون…
ذلك أنّ حركة التحرر اللبنانية المتمثلة بثنائي المقاومة بشكل رئيسي قرّرت أن تقلم أظافر الأميركي الذي سقط ريشه على بوابات الشام وأن يلاعب الفرنسي على بوابات قصر الصنوبر بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية في واشنطن وسقوط مقولة نهاية التاريخ الأميركية…
وإليكم التفاصيل الميدانية:
وأنتم تقرأون المقال تكون قد انطلقت مناورات القوقاز 2020 الضخمة التي يقودها وزير الدفاع الروسي شويغو بنفسه في البحرين الأسود وقزوين والتي تمتد بقطر يبلغ مداه 500 كلم من شبه جزيرة القرم في روسيا شمالاً الى استراخان على الحدود مع إيران جنوباً والتي ستشارك فيها ثلاث دول نووية هي روسيا والصين والباكستان وعدد من الدول الأخرى الإقليمية، وذلك بهدف حماية الكتلة الاوروآسيوية من أي هجوم أطلسي، وهي مناورات تؤسس لحلف عظيم نواته روسيا والصين وإيران وما يؤسّس له من اتفاقيات كبرى بين هذه الدول الثلاث لربع القرن المقبل ما يغيّر وجه العالم الجيوسياسي…
من جهتها فقد فشلت واشنطن للمرة الثالثة في مجلس الأمن الدولي وبدت أميركا هي المحاصَرة من قبل إيران ولم يبق مع واشنطن الا دولة واحدة مساحتها بحجم طاولة مطبخ عالمياً…!
وها هي روسيا تعلن ومعها الصين بان الاتفاق النووي مع إيران مستمر وعلى واشنطن ألا تتكلم باسم مجلس الأمن وأن القرار 2231 حول إيران الخاص بالاتفاق النووي لا يزال سارياً بكل بنوده.
وبعد أن أوضحت موسكو ان «الحقيقة هي أن مجلس الأمن الدولي لم يتخذ أي إجراء من شأنه أن يعيد العقوبات السابقة على إيران وكل ما تفعله واشنطن لا يتعدى كونه أداء مسرحياً لجعل سياسة مجلس الأمن تابعة لسياستها القائمة على ممارسة أقصى الضغوط على إيران وتحويل تلك الهيئة ذات القرار لأداة طوع يديها».
دعت الولايات المتحدة إلى «التحلي بالشجاعة الكافية لمواجهة الحقيقة ووقف التحدث باسم مجلس الأمن الدولي»، مضيفة أن القرار 2231 لا يزال سارياً بكل بنوده وينبغي لذلك تنفيذه بالوضع المتفق عليه في البداية».
ما يعني ان إيران ستبدأ منذ الغد ببيع سلاحها المنافس للسلاح الأميركي كلفة وسلاسة وتقنية معلوماتية، للعالم من دون حدود، كما ستشتري كل ما تحتاجه من سلاح اكثر تطوراً من كل من الصين وروسيا..!
في سورية الأسد فإنّ كل التقارير الاستخبارية تفيد بأن الروس يحضّرون لمعركة حسم في شرق الفرات أولاً ومن ثم في إدلب ضد كل من الأميركيين والأتراك، وأنهم سيقدّمون دعماً لوجستياً واستخبارياً عالياً للجيش السوري مع غطاء جوي عالي المستوى، بعد أن سلموا الأخير سلاحاً متطوراً سيدخل المعركة لأول مرة وهي منظومة هيرمس القاذفة للصواريخ التي تستطيع تدمير دبابات ومدرعات العدو على بعد 100 كم، ما يجعل تفوق دمشق وحلفائها على منظومتي جاولين الأميركية وسبايكر الإسرائيلية التي لا تتجاوز الـ 25 كلم أمراً محتماً..!
واما لبنان الذي يحاول الأميركي يائساً أن يجره الى المفاوضات المباشرة مع الكيان الصهيوني بعد فشله مع مملكة السعودية المضطربة، فإنه سيلقى فيما لو استمرّ في ضغطه على القوى المقاومة، تصلباً غير مسبوقاً قد يكلفه مستقبل قاعدته العسكرية الأهم المزروعة على اليابسة الفلسطينية. 
وأما محاولة الربط بين الإنزال الأمني الإسرائيلي في مشيخات خليجية تحت قناع التطبيع ووجود حزب الله في لبنان إلا محاولة بائسة وغير موفقة على الإطلاق.
فالعمليات الأمنية عمرها لم تحسم حروباً.
وحزب الله وحده يملك قوات برية قادرة على الدخول الى الجليل والسيطرة على الأرض والتثبت فيها. بينما هذا غير متوفر للإسرائيلي في الخليج بتاتاً رغم بعض قواعده في أريتريا وجيبوتي ومحاولة تمركزه في سوقطرة اليمنية.
كما أن لحزب الله احتياطاً استراتيجياً هاماً جداً وهو المقاومة الفلسطينية في غزة والضفة وغيرها، بمعنى أنّ المقاومة الفلسطينية مجتمعة بتنوّعات تشكيلاتها ومسرح عملياتها باتت من القدرة بمكان ليس فقط بمثابة حليف وإنما هي احتياط استراتيجي إضافي خطير وهام جداً.
أي أن تدخلها سوف يفاقم وضع العدو عسكرياً ويساعد في تحقيق النصر السريع لحلف ًالمقاومة. يُضاف الى ذلك أن لقوات الحلف حاضنة شعبية كبرى داخل فلسطين المحتلة، بينما الإسرائيلي لا يمتلك مثل هذه الحاضنة في داخل إيران على الإطلاق.

خاصة أن ما يسمّى بـ «مجاهدي خلق» او بعض فلول المعارضة البائسة ليسوا قوة عسكرية قادرة على مشاغلة القوات الإيرانية، في حال وقوع حرب أو تدخل خارجي محدود في إيران، لأنها مجموعات أمنية فقط وليست تشكيلات عسكرية تمتلك بنية تحتية في البلاد. يضاف الى ذلك ان قوات الأمن الإيرانية هي من أفضل الوحدات القتالية في العالم وقادرة على ضبط الوضع الداخلي تماماً.
فماذا لو أضفنا الى ذلك ما يستعدّ اليمنيون لخلقه من فضاء جديد في غاية الأهمية للجزيرة العربية برمّتها بما فيها مشيخات ما بقي من قراصنة الساحل..!
فالجيش واللجان وأنصار الله الذين يفاوضون الآن في صنعاء قبائل مراد اليمنيّة يعدّون العدة للدخول سلماً الى الحوض النفطي اليمني في مأرب بعد أن طردوا المحتلّ السعودي وأذنابه من قوات هادي المهترئة الى منفذ الوديعة المشترك بين البلدين ما يعني أن صنعاء تتحضر للتحوّل الى بلد نفطي مشرف على أهمّ المضائق والخلجان المطلة على بحر العرب والمانعة من تمدّد النظام الوهابي من الوصول إلى هذه المياه الاستراتيجية اقتصادياً، وبالتالي خنق نظام الرياض عملياً في نجد والقصيم…!
فماذا تتمكّن واشنطن من فعله بعد خروجها من الاستحقاق الرئاسي وهي منهكة من حروب الخارج وأزمات الداخل، وأمامها خطرا التجزئة والانفصال أو الحرب الأهليّة حسب نوع الرئيس الفائز…!؟
سؤال برسم يتامى أوباما من قبل ويتامى ترامب حالياً.. عليهم الإجابة عليه في نوفمبر المقبل…!
يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون..
بعدنا طيبين قولوا الله…
جريدة البناء اللبنانية

أضيف بتاريخ :2020/09/21

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد