آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
عبد الله عبدالمحسن الفرج
عن الكاتب :
كاتب سعودي

الأزمات الاقتصادية كفانا الله شرها


د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج

تتزايد التوقعات بقرب حدوث أزمة اقتصادية عالمية، ويعتمد البعض في توقعاتهم على نظرية الدورة الاقتصادية التي تكرر نفسها، وإن بشكل مختلف كل عشرة أعوام، ولكن البعض الآخر ينطلق من أن هناك مقدمات واضحة لقرب قدوم هذه الأزمة وأن السؤال فقط متى سوف تحدث؟

وعلى أية حال فإن الاختلاف بينهما، كما يبدو لي، هو في اللفظ وليس في الجوهر، فأصحاب نظرية دورة الأزمة كل عشرة أعوام، يعرفون قبل غيرهم أن الأزمة لا تأتي فقط بسبب مرور عشرة أعوام، وإنما نتيجة لتراكم سلبيات وتطور تناقضات في الاقتصاد، حتى تصل إلى مرحلة من الكبر بحيث لا تجد لنفسها حلاً إلا من خلال الأزمة - التي تأتي وتكنس كل التناقضات الموجودة أو جلها.

إن الفترة التي تفصل بين أزمة والتي قبلها أو بعدها، تعتمد ليس فقط على جشعنا وسوء إدارتنا التي تتراكم مثل كومة قمامة تسد معها حركة الاقتصاد، وإنما أيضاً على درجة التقدم العلمي - التكنولوجي، فنحن إذا نظرنا إلى الأزمات الاقتصادية منذ 300 عام وحتى الآن فسوف نرى أن الزمن الفاصل بين أزمتين يتقلص.

وهذا يعود إلى أنه في ظل التخلف العلمي - التكنولوجي لا تؤدي سوء الإدارة إلى نتائج فورية أو كارثية، ولذلك فإن الفاصل الزمني بين الأزمات الاقتصادية قبل الثورة الصناعية كان كبيراً جدًا وقد يمتد إلى 100 عام أو حتى أكثر، ففي زمن المحراث لا تؤدي الأخطاء البشرية إلى نتائج كارثية، ولكن مع تسارع التقدم العلمي التكنولوجي، وخصوصاً بدخول العصر الرقمي فإن الأخطاء البشرية تؤدي إلى تراكم المشكلات بسرعة.

من ناحية أخرى فإن الوقت الفاصل بين أزمتين لا تقرره فقط الأخطاء التي ترتكب على مستوى الاقتصاد الجزئي والقرارات التي تتخذها الشركات، وإنما أيضاً على مستوى الاقتصاد الكلي والسياسات المالية والنقدية المتبعة لحل هذا التناقض الاقتصادي أو ذاك، فهذه السياسات تعتبر ليّاً لعنق الدورة الاقتصادية مما يؤدي إلى تراكم التناقضات وليس حلها كما حدث منذ العام 2008 وحتى الآن، كما أن السياسات الاقتصادية الكلية سواء على المستوى المالي (مثل الضرائب ونفقات الميزانية)، أو على المستوى النقدي (حجم السيولة وسعر الفائدة وغيرها)، تنتهي صلاحياتها وتحتاج إلى استبدال عندما تزول المسببات التي استدعتها، وهذا لا يحدث، كما يجب؛ لأنه ليس هناك مستشعر يخبر بأنه قد حان الوقت لخفض الضرائب المرتفعة أو رفع سعر الفائدة المنخفض، وهذا يؤدي إلى أن السياسة الاقتصادية الكلية التي كانت تعطي نتائج إيجابية تتحول إلى مشكلة اقتصادية عند الاستمرار فيها بعد تغير الظروف التي استدعتها، وهي في العصر الرقمي تحدث بسرعة.

صحيفة الرياض

أضيف بتاريخ :2018/07/14

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد